Monday 15 May 2017

ماذا عمَّن يقول بأنَّ البلاستيك لا يدخل في صنع أكياس الشاي؟


بغض النظر عن تلك "المُهاترات" غير المُستندة إلى دليل التي يتغنى بها هذا وذاك على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن موضوع أوراق الشاي والدفاع المُستميت الذي يقومون به عنها، من أجل اثبات ما كانوا يصرُّون عليه من قبل ويُضلِّلون الناس به (بعلم أو بغير علم)، فالحقيقة العلمية المعروفة عند كل المُتخصِّصين في مراكز الأبحاث وفي المؤسسات الصحية والغذائية جميعًا بل وحتى عند مصانع تعليب الشاي أنفسهم والتي تُعدُّ من المُسلَّمات، هي: أنَّ أوراق الشاي وفلاتر القهوة ليست مصنوعة من الورق الخالص كما هو أسمها، بل هي فايبر خشبي نباتي مُغلَّف بمواد بلاستيكية يُفترض أنَّها مُقاومة للحرارة تُسمى بـ (food-grade plastic) أو من السلك (silk) أو حتى من بعض أنواع البلاستيك الخالص. وهذا الأمر يفهمه جيدًا كل من يعمل في هذا المجال أو مُطَّلِع عليه عن قُرب.

لذا، فإنَّ السؤال العلمي الذي يسأله المراقب الحذِر ليس عن تركيبها ودخول البلاستيك فيها، بل هو: عن مدى مقاومة تلك المواد البلاستيكية المُغلِّفة للفايبر النباتي للحرارة؟ ولقد عدّدنا معظم المواد التي قد تدخل في طلي الكثير من أنواع هذه الأكياس في مقطع مصوَّر نشرناه سابقًا، وذكرنا أنَّ منها: (PVC) و(polypropylene) و(viscose rayon) و(thermoplastic) التي تُغطِّي أسطحها، وغيرها من مواد بلاستيكية تُستخدَم لنفس الغرض. إلَّا أنَّ التوجُّه الحالي بدأ يسير - بسب الضجة الإعلامية السابقة - بشكل تدريجي نحو ما يُسمَّى بالـ (food-grad nylon) أو التي تُسمَّى أيضًا بالـ (polyethylene terephthalate - PET) وهي نفس المادة التي تُستخدَم في صناعة عبوات المياه المُعبأة والتي درجة انصهارها تُعدُّ نسبيًا أعلى من غيرها، إلَّا أنَّ الدراسات تضع عليها علامات الاستفهام فيما يتعلَّق بخطرها على الصحة عند تعرُّضها للحرارة سواء في أكياس الشاي أو في عبوات المياه المُعبأة (وستجد في المراجعات الأخيرة بعض المراجع العلمية والبحثية والدراسية التي تُبيِّن هذا الأمر).

وترتكز المصانع في استخدامها لمعظم هذه المواد على قاعدة أنَّها آمنة ولا تتحلَّل بفعل حرارة الشاي؛ بينما نُجادلهم - نحن والكثير من  المُتخصِّصين - علميًا ونقول: بأنَّ وجودها في حد ذاته هو أمر دخيل وليس أصيل والهدف الفعلي منه هو المُتاجرة الربحية التي تدفعهم لاستخدامها، وأنَّ الحذر منها أمر مطلوب ويُطبِّقه العقلاء (فما الذي يُجبرني على استخدامها وهي دخيلة عليَّ؟). حيث جاءت فكرة تعليب الشاي في أكياس من أجل تسهيل عملية استخدامه ووزن معاييره في الدول الغربية التي لم تكن سابقًا تعرفه (حيث أنَّهم حتى الآن لا يعرفون كيفية استخدام غيره من صيغ أُخرى للشاي مُغايرة لِلمُكيَّس). وانا أعتقد بأنَّنا لسنا بحاجة لكل هذا وإلى جعل البلاستيك جزء من مشروباتنا الساخنة، حيث أنَّ الأساس لدينا منذ القِدم هو استخدام الشاي غير المُكيَّس أو (التلقيمة) أو (الحلل) أو ما شابه من أسماء تُشير كلها إلى استخدام الورق الحر.

وما أنْ تعرف بأنَّها موجودة، فما عليك حينها إلَّا أنْ تبحث في مواصفاتها ومزاياها الفيزيائية والكيميائية ومدى مقاومتها للظروف المُختلفة التي تتعرَّض لها حال غرض الاستخدام. وهنا وحينما - مثلًا - نوجِّه السؤال إلى أحد المُتخصِّصين، كسؤالنا للبروفيسور راي فرناندو الباحث في البوليمر والمُغلفات الصناعية عن كل هذه المواد سيُجيبُنا: "بأنَّها قابلة للتحلُّل وليست آمنة". ومن هنا فإنَّ الكثير من المُتخصِّصين في بعض الجهات الرسمية المعروفة كالـ (CDC) و(the Center for Health, Environment, and Justice) وغيرها من مؤسَّسات رسمية - علمًا بأنَّهم لا يملكون ما يعتمدون عليه من قرارت مكتوبة لديهم - يقولون: "بأنَّ عدم استخدام هذه المواد هو الأمر الصحي والذي يضع الإنسان في منطقة الآمان".

إمَّا بخصوص، تصنيف نواتج هذه المواد (بفعل الحرارة) على أنَّها "مُسرطِّنة" فهو أمر يعني أنَّها تُعدُّ ضمن المواد الواجب الحذر منها كون أنَّ الإحصائيات تُشِير إلى أنَّ نسبة مرض السرطان هو أكثر عند من يتعرَّض عمومًا لها (أيًا كان مصدرها). وهو يختلف تمامًا عن عبارة أنَّها "قطعًا تُسبِّب السرطان"، فلاحظ الفرق بين العبارتين جيدًا.

ومن هُنا، فإنَّنا نؤكِّد دائمًا على عدم استخدام البلاستيك - بشكل عام - مع الأغذية الساخنة وعدم تعريضه للحرارة أثناء الطبخ (مهما كانت التطمينات التي تقوم بها المصانع التجارية)، سواء كان داخلًا في صناعة الصحون أو الأكواب أو الملاعق أو الأكياس، أو في أي شيء آخر يتم استعماله في نهاية المطاف للأكل والشرب الساخن. وهذا الكلام يشمل أكواب المشروبات الساخنة وفلاتر القهوة وصحون تقديم الأغذية وأكياس تعبئة الشاي وصحون الميكروويف وأكواب القهوة الصغيرة التي تُستخدم في المناسبات العامة، وما شابه من أدوات بلاستيكية.

والحقيقة المؤكَّدة هنا، هي: أنَّنا لا نستطيع أنْ نصنع أكياس من ورق خالص وُنُعرِّضها لحرارة عالية؛ فهذا غير قابل للحدوث (لا نظريًا ولا عمليًا)، خصوصًا حينما تكون بصغر وسماكة الأغشية الشفافة التي تُستخدَم لتعبئة الشاي. حيث أنَّ معظم من يستخدم ما يُسمَّى بالأكياس الورقية من مصانع الشاي، هم في الواقع يُغلِّفونها أيضًا بمادة بلاستيكية تُسمَّى بالـ (epichlorohydrin)، وهي المادة التي أقامت الدنُيا ولما تُقعدها لأسباب كثيرة من أهمها أنَّها تُنتج - حتمًا - عند تعريضها للحرارة مادة الـ (epoxy resins) التي تُعدُّ كأحد المُبيدات الحشرية. حيث تؤكِّد الـ (The National Institute for Occupational Safety and Health - NIOSH) على أنَّ هذه النوعية من المواد هي مواد مُسرطِّنة من الدرجة الأولى. حيث ثبت بالبحوث العلمية بأنَّها تُسبِّب السرطان والعقم وتُضعف المناعة. وبالمناسبة فإنَّ هذه المادة - أي الـ (epichlorohydrin) - تُستخدم في الكثير من الصناعات ومن ضمنها فلاتر القهوة والكاسات الورقية وفلاتر الماء وغيرها الكثير، ولابد من الحذر منها.

وعليه، نسأل من يصرُّون على أنَّ أوراق الشاي مصنوعة من الورق: ما هو نوع هذا الورق (الآمن والمقاوم!) الداخل في تصنيعها والذي يضمنونه للناس ويؤكِّدون نتائجه لهم؟ وإذا كان هناك اعترافًا من قبل هؤلاء بأنَّ البلاستيك داخل في تصنيعها (وسيقرّون في النهاية، لأنَّها حقيقة لا مفرَّ منها)، فإنَّنا حينها سنسألهم أيضًا: ما هو هذا البلاستيك (الآمن والمضمون أيضًا!) الداخل في تصنيعها وطليها (إذًا!)، غير تلك المواد المذكورة أعلاه والتي عليها ما عليها من حديث واستفهامات؟ وكما يبدو لنا فإنَّ البعض قد وضع نفسه موضع المرجع قِبال كل ما يتم تقديمه في مراكز الأبحاث ومن قبل المُتخصِّصين في المؤسَّسات الصحية.

أمَّا من يقولون بأنَّ قسم الصحة هنا أو قسم التغذية هناك لا يتحدث عن أمر دخول البلاستيك في صناعتها! فعن أي قسم صحة يتحدثون؟ وعن أي قسم تغذية يستشهدون؟ وأنا أكتفي هنا بالقول: إنْ دلَّ هذا على شيء فهو يدلُّ حتمًا ودون أدنى شك على عدم اطلاع هؤلاء على حقيقة هذا الموضوع، فهم يستخدمون مُصطلحات رنانة من أجل استقطاب الناس إليهم.

الأمر الأهم هو أنَّه حينما نذكر حقيقة علمية، فلا نذكرها كرأي شخصي، بل نستمدها من الواقع ومن مراكز الأبحاث ومن تحليل المُعطيات المُتوفِّرة لنا والمدعومة بالدراسات المُعتمَدة والمُحكمة. ولذا، فإنَ الأنسان مخبوء وراء طيات لسانه، فما أنْ يتكلم حتى يتبيَّن لنا فعلًا إنْ كان عارفًا حقًا بما يقول أم لا.

--------------------------------------------------------
بعض المؤسسات والجهات الرسمية والخاصة التي يُعتدُّ بها والتي ناقشت هذا الأمر في تقاريرها ووضَّحت مخاطره: -
  • D. Kenwin Harris. Some Hazards in the Manufacture and Use of Plastics. Br J Ind Med. 1959 Jul; 16(3): 221–229.
  • The Guardian, Most UK teabags not fully biodegradable, research reveals, 2 July 2010.
  • The Mercola, Plastic and Cancerous Compounds in Tea Bags—A Surprising Source of Potential Toxins, 24 April 2013.
  • The Atlantic, Are Tea Bag Turning Us into Plastic? April 8, 2013.
  • CDC.gov, NIOSH Epichlorohydrin.
  • Journal of Toxicology and Environmental Health 2004 Dec;67(23-24):2001-11.
  • EFSA, 3-MCPD.
  • American Oil Chemicals Society.
  • Google Patents, EP 0632163 A1.
  • DOW Chemical Co., Product Stewardship Manual for Epichlorohydrin (PDF).
  • Voices.Yahoo.com June 2, 2009.
  • Nylon teabags set to let the flavor flood out, The Telegraph, Nov. 7, 2007.
  • How "Green" is Your Gear? The Environmental Impact of Nylon, The Trail Companion, Spring 2000.
  • Leonard Sax, Polyethylene Terephthalate May Yield Endocrine Disruptors, Environmental Health Perspectives, Vol. 118, No. 4, pp. 445-448, Apr. 2010.
  • The government waste body Wrap.
  • Chun Z. Yang, Stuart I. Yaniger, V. Craig Jordan, Daniel J. Klein, and George D. Most Plastic Products Release Estrogenic Chemicals: A Potential Health Problem That Can Be Solved. Environ Health Perspect. 2011 Jul 1; 119(7): 989–996.
  • Leonard Sax. Polyethylene Terephthalate May Yield Endocrine Disruptors. Environ Health Perspect. 2010 Apr; 118(4): 445–448.
  • Westerhoff P, Prapaipong P, Shock E, Hillaireau A. Antimony leaching from polyethylene terephthalate (PET) plastic used for bottled drinking water. Water Res. 2008 Feb;42(3):551-6. Epub 2007 Aug 6.
  • Richard C. Thompson, Charles J. Moore, Frederick S. vom Saal, and Shanna H. Swan. Plastics, the environment and human health: current consensus and future trends. Philos Trans R Soc Lond B Biol Sci. 2009 Jul 27; 364(1526): 2153–2166.

0 comments:

Post a Comment