في هذا التحقيق، سنُجيب على الأسئلة التالية: -
- لماذا يتم استخدام الزنجبيل من قبل البعض؟
- هل تستطيع الحصول على الزنجبيل بشكل طبيعي من الأغذية؟
- هل للزنجبيل أخطار أو آثار جانبية على الصحة؟ (وهو السؤال الذي يحاكي هموم الكثير من الناس؛ خصوصًا بعد انتشار أخبار تُفيد بأنَّ الزنجبيل قد لا يُناسب البعض).
مُقدمة
بدايةً نُبين بأنَّ الزنجبيل هو جذور لنبات (كالجزر، مثلًا) وليس محصول يُقطف كبعض الفواكه والخضراوات، أو زوائد تُقطع من الأشجار كالدراسين وما شبه من بهارات زراعية. ويتركز نموه بالدرجة الأولى في الصين والهند وافريقيا وجزر الكريبيان وبعض المناطق الحارة التي تتشابه أجوائها المناخية مع الدول المذكورة في هذه العبارة. وتُصنف جذور الزنجبيل بشكل عام على قائمة البهارات والمنكهات الطبيعية. ولقد كان استخدام الزنجبيل العرفي على مر السنين (ولألاف السنين) كعلاج في الكثير من الحضارات.
لماذا يستخدم الناس الزنجبيل؟
يُستَخدم الزنجبيل بشكل عام (بهيئاته المختلفة: الطازجة والمجففة والمطحونة والموضوعة في كبسولات وغيرها من هيئات وصورة مُتعددة موجودة في الأسواق والصيدليات) لعلاج اضطرابات المعدة وعسر الهضم؛ وتوجد دلائل فعلية على تأثير الزنجبيل الإيجابي في هذا الأمر؛ حيث يقوم الزنجبيل بمساعدة الجهاز الهضمي في حركته وتموجه لدفع الأغذية، بل ويُساعد أيضًا على تدفق اللعاب من الفم أثناء الأكل.
وتوضح بعض الدراسات أنَّ الزنجبيل قد يلعب دورًا في تقليل عسر الهضم والقيئ عند بعض النساء الحوامل؛ إلا أنَّه يتوجب على هؤلاء النساء الحوامل أخذ الحيطة والحذر عند أخذهم للزنجبيل؛ حيث يُبدي بعض الخبراء والمتخصصون في مجال البحث الإكلينيكي قلقهم من أنَّ الزنجبيل قد يرفع احتمال مخاطر حدوث الإجهاض عند المرأة الحامل، خصوصًا حينما يكون بجرعات عالية (وهنا تأتي التوصيات بأهمية سؤال النساء الحوامل للطبيب المُعالج أولًا قبل أخذ الزنجبيل! سميا أقراص الزنجبيل المُرَكَّزة الجاهزة والموجودة في الصيدليات).
وكما يبدو أيضًا فإنَّ الزنجبيل يُساعد على التخلص من عسر الهضم الناتج من الشعور بالدوار وعدم الاتزان (أثناء السفر والترحال، والذي يُسمى بدوار السفر الحاصل أثناء التنقل بواسطة المركبات المُختلفة، جوية أو أرضية، بحرية أو برية).
وهناك مجموعة من الأدلة (بعضها مُتضارب) مُتعلقة بالسؤال القائل: هل يُساعد الزنجبيل على التخلص من عسر الهضم والغثيان الناتج من دوار وغثيان السفر؟ أو ذلك الناتج من إجراء العمليات الجراحية، أو حتى ذلك الناتج عن أخذ بعض الأدوية الكيميائية؟
وكما يبدو أيضًا فإنَّ الزنجبيل يُساعد على التخلص من ألام الدورة الشهرية. ولقد أوضحت إحدى الدراسات- التي استهدفت مجموعة من النسوة كن تشكو من ألآم الدورة الشهرية- بأنَّ ما يُعادل 60% منهن شعرن بالارتياح وانخفاض مستوى الألم لديهن بعد أخذهن للزنجبيل.
وتوجد دلائل قوية على أنَّ الزنجبيل يستطيع تخفيف الألآم الناتجة من أمراض العظام والمفاصل والأربطة والعضلات (كما تُشير له بعض الدراسات المرفقة في نهاية هذا التحقيق)؛ ليس هذا فحسب، بل حتى أنَّه يُخفف من ألآم الرأس والصداع (إلا أنَّ المزيد من البحوث والدراسات التأكيدية لهذا الأمر ضرورية ليتم اعتمادها، ولا يجوز الأخذ بهذه النتائج فقط من خلال الدلائل غير المؤكدة بحثيًا).
ولقد بينت الدراسات المخبرية أيضًا (التي أُجريت على الحيوانات) أنَّ الزنجبيل- نظريًا- يستطيع أنْ: (1) يقلل التورمات، (2) يخفض سكر الدم، (3) ينزل الكوليسترول، (4) يحمي من مرض الزهايمر، (5) يمنع تخثر الدم. ولكننا يجب أنْ نؤكد على أنَّ هذه الدارسات -المُطبقة على الحيوانات- لا تجعلنا نقطع باليقين على أنَّ الزنجبيل (بالفعل) يقوم بمثل هذه الفوائد عند استخدامه على الأنسان؛ كون أنَّ تلك الفوائد النظرية قد نتجت من تجارب أُجريت على الحيوانات، كما ذكرنا!
وللإضافة، فإنَّ البعض يقوم باستخدام الزنجبيل بشكل مباشر فوق منطقة الألم (على الجلد مباشرةً) للشعور بالراحة؛ إلا أنَّنا يجب أنْ نؤكد أيضًا على أنَّنا لا نستطيع الجزم إذا ما كانت هذه الطريقة فعَّالة على المستوى الفسيولوجي؟ أم لا؟
ويجب الإشارة إلى أنَّ الجرعات المدروسة والمحسوبة من الزنجبيل لفوائده المذكورة في هذا التحقيق لم يتم البحث فيها بعد! ليس فقط على مستوى كبسولات الزنجبيل الجاهزة، بل أيضًا على مستوى الزنجبيل بهيئته الطازجة المقطوفة كجذور نباتية!
بل ويجب أنْ نفهم أيضًا (حينما نخرُج عن نطاق المقطوف من جذور الزنجبيل) أنَّ المادة الفعَّالة وجودتها العلاجية في المُستخلصات المُتعددة منه (الجاهزة في هيئة أقراص صلبة أو مطحونة) الموجودة في الأسواق تختلف اختلافًا جذريًا من جهة صناعية لأخرى؛ لهذا فإنَّ هذا الأمر يُسبب صعوبة حقيقية في عملية وضع جرعات معيارية ثابتة للزنجبيل عند الحديث عنه كمادة لها فوائدها على صحة الأنسان؛ لذا نكتفي بالتأكيد على ضرورة الرجوع للطبيب المُعالج في مثل هذا الأحوال.
هل نستطيع الحصول على الزنجبيل بشكل طبيعي من الأغذية المُختلفة؟
يُعد الزنجبيل بهار مشهور ونكهة تُضاف للأغذية المُختلفة. والبعض من الناس يشرب شاي الزنجبيل الحار أو خُلاصة الزنجبيل الباردة. لذا، فإنَّ الزنجبيل قد يكون من ضمن الكثير من الأغذية المُحَضَّرَة من قبل البعض، سيما من يعيشون في تلك المناطق الجغرافية المذكورة أعلاه (بل حتى في غيرها نظرًا لانفتاح العالم الجغرافي على مصراعيه، مما يجعله متوفرًا في الكثر من الدول).
ما هي مخاطر الزنجبيل؟
هناك بعض الآثار الجانبية البسيطة الملحوظة والمسجلة (بجرعات قليلة) للزنجبيل؛ حيث يُمكن أنْ تُسبب تلك المقادير القليلة منه: (1) تراكم الغازات في الجهاز الهضمي، (2) حرقان في منطقة القلب، (3) اضطراب المعدة، (4) حساسية في الفم. أما الجرعات المرتفعة منه (بكمية تصل إلى ما هو أعلي من 5 جرام في اليوم) فإنَّها تزيد من فرص حدوث نفس الآثار المذكورة. وللإضافة فإنَّ الزنجبيل- إذا ما وُضع بشكل مباشر على الجلد- فإنَّه قد يُسبب حساسية جلدية وتهيج في الأنسجة الموضوع عليها.
وتُفيد بعض الدراسات المُطبقة على الحيوانات (كما تم الإشارة له أعلاه) بأنَّ الزنجبيل- نظريًا- قد يزيد من احتمال حدوث نزيف للدم (وهذا الأمر يحتاج للمزيد من البحث، كما أشرنا). لهذا السبب فإنَّ الاحتياطات الدراسية تُلَمِّح إلى الابتعاد عنه من قبل من يُعاني من أمراض مُتعلقة بتخثر الدم. بل أنَّ نفس الاحتياطات تحتوي بين فقراتها على نقاط تنبيهية للحوامل (كما بيَّنا أعلاه) ومرضى السكر ومن لديهم مشاكل في القلب عند أخذ الزنجبيل كعلاج؛ وتنص تلك الاحتياطات أيضًا على ضرورة الرجوع أولًا للطبيب المُعالج قبل أخذه.
ويجب أن نلفت عناية الجميع إلى أنَّه لم يتم التأكد بعد إذا ما كانت أقراص الزنجبيل الجاهزة في الصيدليات آمنة للأطفال والأمهات اللاتي يُرضعنَّ أولادهن؟ أم لا؟ بل وينطبق هذا أيضًا على الطازج منه!
أما بخصوص التداخل العلاجي بين الزنجبيل وغيره من أدوية علاجية فهو غير مؤكد تمامًا؛ حيث تنص الجهات الصحية على ضرورة الرجوع للطبيب، سيما الطبيب المختص في الصيدلة الإكلينيكية المُطَّلِع على التطورات البحثية والدراسية في هذا المجال (عند أخذ أي علاج بشكل منتظم) للتأكد من عدم تداخل الزنجبيل معه. إلا أنَّني أؤكد ومن خلال ما تبينه الكثير من البحوث (بعضها مُشار لها في المراجع، في نهاية هذا التحقيق) بأنَّ هناك إشارات وتلميحات مُختلفة على أنَّ الزنجبيل قد يتداخل ويتفاعل مع الأدوية المُمَيِّعة للدم؛ بل وقد يتداخل أيضًا مع أدوية السكر وضغط الدم.
للإشارة والتوضيح (علمًا بأنَّ ما جاء في التحقيق يُغطي كل أنواع الزنجبيل، الطازجة وغير الطازجة)، فإنَّ إدارة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA) تقوم بتنظيم استخدام المُزودات والأقراص الغذائية من خلال إعطائها تراخيص للبيع والتسويق؛ إلا أنَّها تتعامل معها كما تتعامل مع الأغذية (وليس كما تتعامل مع الأدوية العلاجية)، حيث أنَّها لا تشترط على الشركات المنتجة لتلك الأقراص (على عكس ما تشترطه تجاه شركات الأدوية) أنْ تثبت بأنَّ أقراصها آمنة وفعَّالة قبل بيعها في الأسواق والصيدليات. وعليه، فوجود أقراص الزنجبيل الجاهزة (خصوصًا) في الكثير من المحلات والمتاجر الغذائية لا يعني بالضرورة (إنْ تأكدت صوابية الدراسات المُطبقة على الحيوانات؛ المُشار لها في هذا التحقيق) توافقها مع كل الأشخاص وكل الحالات المرضية.
المراجع والدراسات التي أعتمد عليها هذا التحقيق
Fundukian, L.J., editor, The Gale Encyclopedia of Alternative Medicine, third edition, 2009.
Memorial Sloan-Kettering Cancer Center web site: "About Herbs: Ginger."
National Center for Complementary and Alternative Medicine web site: "Herbs at a Glance: Ginger."
Natural Medicines Comprehensive Database web site: "Ginger."
0 comments:
Post a Comment