Tuesday 23 January 2024

المواد الحافظة التي تُضاف للأغذية التجارية


يمكن إدراج المواد الحافظة التي تُضاف للأغذية التجارية بحسب وظائفها في ثلاثة عناوين رئيسة، وهي: المضادة للميكروبات التي تمنع نمو البكتيريا والخمائر والفطريات، والمانعة للأكسدة التي تؤخِّر عملية أكسدة الدهون (المؤدِّية بدورها إلى فساد الطعام)، والمثبِّطة للأنزيمات التي عادة ما تُضاف للفواكه والخضروات بعد قطافها. وبعيدًا عن الاستفاضة في الشرح وضرب الأمثلة المُتعدِّد لكل نوع من أنواع المواد الحافظة الثلاث، سأركز الحديث في إحدى المواد الحافظة التي تقوم بالوظائف الثلاث المذكورة والتي يكثُر استخدامها من قبل مصانع الأغذية كمادة حافظة حيث يتم إضافتها لمجموعة يُعتَد بها من الأطعمة المُعلَبة والمُجَّففة وبعض ما يتم تقدِّيمها على أنها طازجة كبعض أنواع الخل وعصائر الفواكه والفواكه المجففة واللحوم وما شابه (خصوصًا وأن السؤال قد كثر عنها)، وهي مادة ثاني أكسيد الكبريت (So2) التي تنتمي لمجموعة أكبر تسمى السلفات، والتي يتم الإشارة لها عادةً في المحتوى الغذائي بالرمز(E220-E228). وعلى أساس قيام هذه المادة بالوظائف المُتعدِّدة المذكورة فإن المُحصِّلة الأخيرة هي منع تغير لون الأطعمة وعدم ظهورها بلون مسود أو تغير طعمها أو رائحتها أو جودتها.

الأهم في هذا الموضوع، هو الإجابة عن السؤال القائل: هل هي ضارة؟ أم لا؟

وهنا نقول بأن إضافة هذه المادة (كما هو الحال بالنسبة لسائر المواد الأخرى المُظافة صناعيًا) يُعدُ أمنًا لِـ من لا يُعاني من حساسية منها في حال تمت إضافتها ضمن نطاق ما هو منصوص عليه من قبل المؤسسات الرقابية (أو كما تؤكد عليه هيئة الغذاء الدواء وهيئة الأغذية والمشروبات الأمريكيتين وغيرها من هيئات محلية ودولية). وعبارة "لا يُعاني من حساسية منها في حال تمت إضافتها ضمن نطاق ما هو منصوص" هي بيت القصيد، وذلك لأن هناك نسبة ضئيلة يتحسسون من مركبات السلفات سواء عند الأكل أو الاستنشاق، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الصداع أو صعوبة التنفس أو مشاكل هضمية.

ولابد من لفت النظر إلى أن 90٪ من المصابين بالربو (كمثال توضيحي) تتشكل عندهم أعراض تنفسية (مع تفاوت نسبها) بسبب المشروبات الغازية التي تحتوي على ثاني أكسيد الكبريت. وعليه، من المهم أن يتحقق هؤلاء الذين يعانون من حساسيات معروفة تجاه هذا المركب من المواد المضافة للمواد الغذائية وتجنب المنتجات التي تحتويها.

وعلى كل حال، الأمر لا يقتصر على السلفات، فهناك غيرها من مواد نذكرها بعض منها بصورة موجزة، مثل: مادة البروبونات التي تُضاف في العادة للمخبوزات والموجودة بشكل طبيعي في التفاح والفراولة والحبوب والأجبان، وكذلك مادة البنزوات الموجودة بشكل طبيعي في التوت البري، وأيضًا مادة الأسكوربيك أسيد الذي يؤخِّر عند إضافته للتفاح و البطاطس تغير لونها بعد التقشير. وأضيف لهذا التعداد مادة النترات والنيترات التي تُضاف عادة للحوم من أجل أبقائها بعيدًا عن السواد إلا أن من مشاكلها أنها قد تتفاعل مع الأحماض الأمينية وتتشكل عندها مادة النيتروسامينات التي تُعد مادة مسرطنة، إلا أن النسب التي تُضاف منها على نحو أغلب للحوم قليلة ولا يُعتُد عادةً بها، وهناك غيرها من مواد أخرى لا يسع المجال لذكرها كلها.

وأخيرًا وليس مؤخَّرًا، لابد من التأكيد على أن المواد الحافظة فقط (وليس المُثبتة للقوام أو المُحسِّنة للطعم أو ذوات النكهات الصناعية أو أو الأصباغ أو المُثخِّنات أو غيرها من مواد) على اختلاف تسمياتها وميكانيكية عملها (التي لا يسع المجال للحديث عنها كلها) ليست مواد غذائية ولكنها تضاف عنوة من قبل المصانع بهدف إطالة صلاحية الأغذية المتوافق مع الغاية التجارية. ومن هنا، نستطيع القول، بأن الأمر لا يرتبط بكونها ضارة أو غير ضارة، بل بكونها لا ترقى لمستوى الأغذية الطازجة (وهي حقيقةً ليست طازجة ولا نستطيع تصنيفها على أنَّها طازجة) بكل ما تعنيه عبارة طازجة من معنى واقعي وليس تجاري.
Monday 10 July 2023

ما حقيقة عبارة أن عسل المنوكا الموجود في المنطقة مغشوش؟


أرسل لي أحد الأصدقاء اليوم مقطع لإحدى السيدات تتحدث فيه عن أن عسل المنوكا الموجود في المنطقة يغلب عليه الغش وأن نسبة الـ GMO في بعضه معدومة وأن العسل المحلي يتضمن مضادات حيوية خاصة وأن نسبة الـ GMO فيه تتفوق على بعض أنواع عسل المنوكا التي تم فحصها.

وفي حقيقة الأمر فإن المتحدثة في هذا المقطع تتحدث في العموم دون تحديد مصدر عسل المنوكا المعني بالفحص. لكن عند الذهاب إلى الشركات التي تتعامل مع مزارع معروفة وتتضمن أختام على منتجاتها فستجد بأن الموضوع مختلف تماما. 

وخلاصة الكلام هو أن الغش في العسل عموما أمر وارد بل وموجود والبعض - للأسف الشديد - يتعامل به سواء كان هذا في عسل المنوكا أو في غيره من عسل محلي الذي تتعدد عناوينه والذي قد تتعدد أيضا طرق التلاعب فيه. بل وستجد أيضا أن الغش يصل في الكثير من الأحيان إلى غذاء النحل وليس بالضرورة في العسل بعد الإنتاج مما يجعل أمر انتاجه أسهل حتى من السكر المكرر.

وعليه، يأتي السؤال الجوهري: ما الذي نعنيه بعبارة "عسل طبيعي"؟ هل يعني هذا المصطلح أننا فقط حصلنا عليه من النحل مباشرة؟ أم أنه يتعدى هذا المعنى ليصل لطبيعة ونقاوة غذاء النحل والمزارع بكل ما تحتويه من غطاء نباتي الذي تترعرع عليه؟

ومن هنا فإن التعامل عند شراء العسل لابد أن يكون من جهات معروفة وموثوقة وتتعامل مع مزارع معروفة بطبيعة غطائها النباتي لأن الغش فيه أمر وارد وأن محاولة الكشف عن الغش فيه ليس بالأمر الهين إلا من خلال الفحوص المخبرية الخاصة التي قد تكون باهظة الثمن على الأفراد وأن غالب ما يتم تقديمه من قبل البعض من فحوص بالعين المجردة هي فحوص ليست دقيقة ومن السهل التغلب عليها.