قبل فترة زمنية- ليست بالبعيدة- وصلتني تساؤلات، بخصوص حقيقة علاقة فيروس كورونا بالتمور؟ واليوم ومع إطلالة شهر رمضان الكريم يُعاد طرح نفس التساؤلات من قبل البعض! فهل أستجد جديد في هذا المجال؟
أولًا، إنَّ فيروس كورونا يُصيب الحيوانات الثدية والطيور والإنسان ولا يُصيب النباتات، وفي حال افترضنا انتقاله لبعض الفواكه عن طريق بعض مخلفات الحيوانات (على فرضية تأكيد الدراسات والبحوث المحكمة لذلك) فإنَّه لن يستطيع أنْ يعيش عليها بسبب غياب العائل الحقيقي المسؤول عن تكاثره، ألا وهو الخلايا الحيوانية المُستهدفة (وهذا الأمر يَتَفَهَمَّه المُتخصصون في مجال علوم الفيروسات).
ثانيًا، في حال كانت هناك بقايا حيوانية (من أي مصدر حيواني مشتبه به) على فواكه ورطب الأشجار التي يعيش عليها الحيوان المصاب (وهنا نفترض- جدلًا- أنَّه تم فعلًا تأكيد وجود حيوان مُصاب يعيش على تلك الأشجار) فإنَّ هذا يكفيه الغسيل الجيد (مع ضرورة تعريف ماهية الغسيل الجيد!) لإزالة أي تلوث خارجي متراكم على أسطح تلك الفواكه، وهو أمر طبيعي (لا يحتاج لتضخيم إعلامي) لأنَّ غسل الفواكه قبل أكلها أمر تنص عليه البنود الصحية بشكل عام ودون أنْ يكون هناك ما يسمى بفيروس كورونا (وغير ذلك سيعني- أيضًا- احتمالية التعرض لبعض أنواع الميكروبات المجهرية الممرضة للإنسان).
ثالثًا، إذا كان هناك ما يؤكَّد أنَّ بعض الحيوانات الحاملة للفيروس تعيش على أشجار النخيل (كالكلام الدائر بين مدٍ وجزر- مثلًا- حول الخفافيش!)، فإنَّ هذا سيكون مرتبط بالرطب المقطوف بشكل مُباشر وليس بالتمور المكنوزة، وهو تحليل علمي نظري (ما لم يتم إثبات غير ذلك عن طريق البحوث العلمية)، بل أنَّ الرطب المقطوف بشكل مباشر يُغسَل من قبل الكثير من الناس وبغض النظر عن وجود أي انتشار لأي مرض.
رابعًا، لا تستطيع فيروسات كورونا أنْ تحتفظ بقدرتها الإمراضية خارج جسم الإنسان! وفي أفضل الظروف (كما أشار لذلك مركز مكافحة ووقاية الأمراض) فإنَّها- في المنحى الأول- لَنْ تبقى أكثر من ستة أيام حال كان السطح رطبًا (أي البيئة التي تحتوي على سوائل، شريطة أنْ تكون غير ضارة بحياة وتكاثر الفيروس)؛ وفي المنحى الثاني فإنَّها لن تسطتيع البقاء أكثر من ثلاث ساعات فقط حال كان السطح جافًا. وعليه فإنَّ التمور المكنوزة والمخزنة (مع وضع افتراض جدلي- مرة أخرى- بأنَّها ملوثة بالفيروس) ستكون أمنة.
خامسًا، إنَّ الحفظ بزيادة التركيز السكري أو الملحي هو أمر مثبت علميًا، وأنَّ التمور المكنوزة تميل لحد كبير للمواد الغذائية الأمنة صحيًا، نظرًا لزيادة تركيز السكر بها ووجود مواد أخرى لا يسعى المجال للحديث عنها بشكل موسع في هذه الومضة التوضيحية.
سادسًا، إنَّ الانسياق مع الشائعات والأخبار غير الموثقة أمر مقلق، حيث يُفترض أنْ تأخذ الأخبار من الجهات العلمية القادرة على تحليل ما يتم تداوله بطريقة محكمة، مثل المنظمات الصحية المعترف بها عالميًا.
وعليه، فإنَّ ما يتم تناقله عن موضوع التمور وانتقال فيروس كورونا هو أمر مستبعد (فقط وفقط بالاعتماد على المعطيات المنطقية المذكورة في التفصيل أعلاه ودون الدخول في التفاصيل العلمية)!
0 comments:
Post a Comment