Thursday, 1 September 2016
September 01, 2016

هل تُوجد علاقة بين بعض الأمراض المستعصية (أو النفسية أو المزمنة) ونقص فيتامين "د"؟



يستفسر البعض: هل توجد علاقة بين بعض الأمراض المستعصية كأمراض القلب (أو بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب أو بعض الأمراض المزمنة) ونقص فيتامين "د"؟ حيث أنَّ هذا السؤال جاء مُعتمدًا على بعض المنشورات التي أربكت معلوماتهم والتي يتم تداولها في النت حول نفس هذا الموضوع!

والإجابة باختصار هي على النحو التالي: لا توجد علاقة مؤكَّدة ومباشرة بين نقص فيتامين "د" وأي مرض خارج نطاق هشاشة العظام وليونة العظام وما شابه من أمراض لها علاقة بتثبيت الكالسيوم في العظام؛ إنَّما العلاقة التي يتم التأكّيد عليها دائمًا هي: بين قلة التعرض لأشعة الشمس في بعض المناطق الباردة التي لا تتعرض للقدر الكافي من ضوء الشمس (والباقية في سبات طويل خلال فترات الخريف والشتاء) وبعض الأمراض المستعصية كبعض أمراض القلب أو بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب أو حتى بعض الأمراض المزمنة وما شابه من مشاكل صحية. ولاحظ أنَّني هنا استخدم مصطلح "تُوجد علاقة" (بمعنى أنَّها علاقة إحصائية ترتفع في هذه المناطق دون غيرها من مناطق مُشمسة، كقولنا تُوجد علاقة بين التدخين وسرطان الرئة أو السرعة وكثرة الحوادث، أي أنَّها تكثُر عند هذه الفئات التي تقوم بهذا الفعل دون غيرها من فئات)، ولا يجوز هنا استخدم مصطلح "تُسبِّب" (على وجه اليقين القاطع)؛ فهذه التعابير يفهمها الباحثون جيدًا؛ حيث أنَّ هذا كله قد جاء اعتمادًا على بعض الدراسات المُحكمة التي تناقش احصائيًا فقرة أهمية التعرض لأشعة الشمس، والتي دائمًا ما يكون استشهادها مُرتبط بأحوال المناطق التي تمر بفترات سبات طويلة خلال أوقات النهار الذي يغلب عليه - حينها - الظلام والغيوم والأمطار. لذا: لابد من الانتباه لطبيعة المصطلحات المستخدمة. أكرر مرة ثانية: أنَّ التأكيدات هي حول أهمية التعرض لأشعة الشمس فقط (أمَّا موضوع فيتامين "د"، فهو شأن آخر).

وعليه؛ لاحظتْ نفس الدراسات أنَّه كتحصيل مُتَرَتِّب على قلة التعرض لأشعة الشمس عند من يعانون من مثل هذه الأمراض المستعصية معاناتهم أيضًا من نقص فيتامين "د" (فعلاقة نقص فيتامين "د" - إنْ وجدت من عدمها - ليست هي المغزى، إنَّما المغزى هو التأكيد على أهمية الأجواء الصحوة للإنسان التي تتركز فيها اشعاعات الشمس، وطبعًا أتحدث هنا عن اشعاعات الشمس الباردة)! إلا أنَّ سؤال الباحثين الإكلينيكيين (وأعني الباحثين المُشتغلين بالمسائل البحثية) الباقي قائمًا والمُحاكي للواقع البحثي والمنطقي أيضًا هو: هل تُوجد علاقة بين نقص فيتامين "د" وتلك الأمراض المستعصية أو المزمنة أو النفسية، أم أنَّ العلاقة تقتصر فقط على قلة التعرض لأشعة الشمس (التي قد تتداخل بعض اشعاعاتها - خارج نطاق الأشعة فوق البنفسجية - مع بعض التفاعلات الخاصة في جسم الإنسان التي لم نتعرف عليها بعد)؟

ومن هنا لا نستطيع إلا أنْ نقول أنَّ هناك علاقة بين الإثنين (كون أنَّ السؤال البحثي قابل للطرح المنطقي والعلمي)؛ ومن ينفي وجود هذه العلاقة قد وقع في شَرَك المصيدة البحثية، وكلامه سيبقى مُقتصرًا داخل حدود الدائرة الضيقة التي لا تتسع لاستيعاب المُستجدات، فلاحظ طريقة تقديم الموضوع جيدًا هنا.

هذا هو الشرح المختصر (والوافي) لكل الحكاية؛ وما عدا هذا الطرح هو من قبيل توظيف وسائل التواصل الاجتماعي فيما هب ودب من اطروحات غير مُطَّلِعة على ما هو موجود ومُتَجَدِّد معلوماتيًا من مسائل إكلينيكية في مراكز الدراسات المعتمدة!

0 comments:

Post a Comment