Thursday 18 August 2016
August 18, 2016

ما سر دعوى التعرض للشمس وقت الظهيرة في دول الخليج من أجل الحصول على فيتامين "د"؟



قبل الإجابة على هذا السؤال، نُبِيِّن مبدئيًا أنَّه حتى وإنْ كانت هناك دراسة (على حد من يقول بهذا)؛ فوجود الدراسة في أي شأن صحي لا يعني تطبيق ما أفضت إليه من نتائج من قبل المرضى في كل البقاع الجغرافية إلا بعد تبنِّيها من قبل المؤسسات الصحية الرسمية محليًا ودوليًا (هذا فيما يتعلق بأي دراسة إكلينيكية، فلاحظ)؛ فإجراء الدراسة لا يُقَدِّم ولا يُؤخِّر من القضية شيء؛ ولكل دراسة ما يناقضها من الدراسات المعتمدة (التي يرتكز كل واحد منها على معايير ترتبط بالعوامل المحيطة بها). ولكنَّ السؤال الذي غاب عن ذهن الكثير ممن انجرف وراء هذا التيار هو: ما الذي استهدفته هذه الدراسة بالدرجة الأولى؟ وما الذي أرادت إيصاله للناس؟ فبعض الدارسات الأولية التي يُشار لها أحيانًا تفتح الأبواب من أجل مناقشة بعض العناوين البحثية والانتباه لها والاستشهاد فلسفيًا بها، لا من أجل تطبيقها من قبل الناس.

أمَّا بخصوص حديث من يسوِّقوا لتك البيانات الرقمية (عنوان القضية) عن تركيز الأشعة فوق البنفسجية "ب" خلال الفترة ما بين الساعة العاشرة والثالثة عصرًا خلال فصل الصيف (كما هو الحال في الدول الغربية التي يُعاني أغلبها من قلة الأجواء المشمسة خلال فترات الصباح وقبل الغروب) كمدخل للاستفادة منها عند تصنيع فيتامين "د" والارتكاز عليه في توجيه الناس، فهو لا يعني أيضًا غيابها الكلي خلال الفترات الأخرى من النهار (في أجوائنا الخليجة) التي تُعدُّ آمنة عند التعرض لأشعة الشمس، بمعنى أنَّه لا يعني أيضًا عدم قدرة الجلد على تصنيع فيتامين "د" خارج تلك الفترة من النهار في أوقات صيفنا الآمنة. 

وعليه، كان يُفترض من الأشخاص الناقلين لهذه البيانات أنْ يقتصروا حديثهم على القول فقط: [أنَّ الأشعة فوق البنفسجية في فصل الصيف تتركَّز بكميات عالية خلال: الفترة بين الساعة العاشرة صباحًا والثالثة عصرًا (اعتمادًا على الدراسة التي أُجريت في المنطقة الجغرافية "س" التي تتسم بالأجواء "ص")، وهو لا يعني انعدامها خارج نطاق هذه الفترات من النهار في بقية المناطق الجغرافية الحارة]. دون التعرض لموضوع توجيه المرضى بشأن تصنيع فيتامين "د" خلال فترات الظهيرة في كل المناطق الجغرافية ونصحهم بأنَّ يتعرضوا لأشعة الشمس في وقت الظهيرة الحارقة وتعميم نتائجها على نطاق واسع، الأمر الذي سيستدعي حينها توفِّر دراسات إكلينيكية تُبيِّن الأثار الايجابية والسلبية على المديين: البعيد والقريب، من آثار بقية الإشعاعات الموجودة في أشعة الشمس وقوتها خلال تلك الفترات الحارة جدًا.

أمَّا سؤالي كمتخصص بخصوص هذه البيانات هو: في أي مجلة نُشرت (لنرى إن كانت ملتفة لمخاطر أشعة الشمس الحارقة لدينا في دول الخليج عند وقت الظهيرة في فصل الصيف أم لا؟ ولنرى أيضًا إنْ كانت دعوتها تنظيرية أم توجيهية؟ وما هو موقعها من بقية البحوث المعتمدة في هذا المجال؟ وكيف نظرت المؤسسات الصحية العالمية الى مخرجاتها؟ بمعنى هل تدعو لها وتتبناها، أم لا؟)

وخلاصة كلامي: أنَّ الصحيح بالنسبة لعامة الناس هو أنْ يتم الاعتماد على مخرجات سياسات المنظمات الصحية الداعية لعكس هذا (خصوصًا في دولنا التي تتسم بأجواء حارقة خلال وقت الضهيرة) والتي تدعمها دراسات معتمدة ومحكمة في مجلات وقعُها البحثي مرتفع جدًا، ولا يجوز الاعتماد على التوجيهات المنشورة في - والتي سوَّقت لها أيضًا - الصحف المحلية ووسائل التواصل الاجتماعية.

0 comments:

Post a Comment