بغض النظر عن الحركة التسويقية التي يقوم بها البعض على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص عقار السُكَّر الذي يُسمَّى بـ "إنفوكانا" (Invokana)؛ فإنَّه بعد التواصل مع الكثير من الزملاء وقراءة النشرات الخاصة به، تبيَّن بأنَّه أحد مُنتجات شركة "جونسن آند جونسون" ويتم توزيعه من قبل شركة "سوفيكو فارم" للأدوية منذ سنوات مضت وليس علاجًا جديدًا ولا سحريًا كما يدّعي أصحاب تلك الدعايات، وهو مُخصَّص لخفض مستوى السُكَّر عند فئة من يُعانون من السُكَّر من النوع الثاني وفي نطاق ضيق (وأعني هنا الفئة التي تشكَّل عندها السُكَّر في مرحلة الكِبر)، وعادةً ما يتم وصفه من قِبَل الطبيب المُعالج مع الحمية الغذائية وممارسة الرياضة وتحت محاذير طبية تُحمل على محمل الجد على المستوى الإكلينيكي (كما سيتبيّن في السطور القادمة). واسمه العلمي مُشتَقُّ من مادته الفعَّالة التي تُسمَّى بالـ "كاناجليفلوزين" (Canagliflozin). وهو متوفِّر في تركيزين: 100 مليجرام (Invokana 100 mg 30 Tablets) وَ300 مليجرام (Invokana 300 mg 30 Tablets)، ومُصمَّم للاستخدام كجرعة واحدة يوميًا. هذا كُلُّه على مستوى التوصيف والتعريف العام له كعقار دوائي.
أمَّا على مستوى التصنيف العلاجي، فيُعدُّ "إنفوكانا" من الأدوية التي تعمل على تثبيط نواقل الصوديوم والجلوكوز في الكلى؛ أي أنَّه ينتمي للمجموعة الدوائية التي يُطلَق عليها بـ (SGLT2). لذا، هو يؤثِّر على امتصاص سُكَّر الجلكوز في الكلى، وعلى تحفيز إفراز الكمية الزائدة من سكر الدم عن طريق البول، وعلى تخليص الجسم من الصوديوم. وعليه، هو يقوم فقط بهذه الميكانيكية المُختلِفة التي تضعه في عنوان مُنفرِد عن بقية المجموعات الدوائية، وليس علاجًا جذريًا للسُكَّر (كما يتم الترويج له)؛ فلاحظ.
ولابد من لفت الانتباه أيضًا إلى أنَّ "إنفوكانا" لا يُستخدَم للمرضى الذين يعانون من السُكَّر من النوع الأول (أي السُكَّر الذي عادةً ما يظهر عند الصغار ويعتمد على الأنسولين)، أو من يعانون من السُكَّر ومن وجود كيتونات في البول أو في الدم في آن واحد (حيث أنَّ تحذيرات هيئة الغذاء والدواء في عام 2015م بيَّنت أنَّ هذا الدواء قد يتسبَّب في حموضة الدم الكيتونية)، أو المرضى الذين يعانون من ضعف شديد في الكلى، أو في المراحل المُتأخِّرة من مرض الكلى أو الفشل الكلوي، أو مع المرضى الذين يحتاجون لغسيل كلى، أو المرضى الذين يشتكون من هبوط في وظائف القلب، أو من يشتكون من ضعف التروية إلى القدمين، أو مع الحوامل والمرضعات، او الذين يتحسَّسون من مادته الفعَّالة. بل وأنَّه يُفترض أنْ يتم الامتناع عن استخدامه أثناء الصيام، أو عند فقد كمية كبيرة من سوائل الجسم. بل ولابد من الحذر عند دمج هذا العقار مع أدوية ضغط الدم، أو عند دمجه مع الأدوية المُخفِّفة للألم كـ "الفولتارين" و"البروفين" وما شابه من أدوية. وهناك غيرها من عناوين لا يسع المجال لتغطيتها في هذه الفقرة المُختصَرة.
ليس هذا فحسب، بل أنَّ لـِ "إنفوكانا" أعراض جانبية التي لابد من أخذها بعين الاعتبار قبل استخدامه، ومن أهمها أنَّه قد يُسبِّب التهابات في مجرى البول، والتهابات فطرية في المهبل والشرج، واختلالات في مستوى بعض العناصر الهامة في الدم كالصوديوم (كما تبيّن) والبوتاسيوم وشبيهاتها من عناصر. وقد يُسبِّب قصور حاد في الكلى وجفاف وعلامات هبوط ملحوظة في السُكَّر وتبوّل مّتكرِّر. وهو ما يعني ضرورة التأكيد على فحص وظائف الكلى قبل أخذ هذا العقار، حيث أنَّ ما هو مُسجَّل حتى الآن لذا المؤسسات الرسمية بخصوص تأثيراته الجانبية يكشف عن أنَّ هناك ما يُقارب 101 حالة فشل كلوي قد تم حصرها بين عام 2013م وعام 2015م رُبِطت إكلينيكيًا بعوامل عدة كان من أهمها تناولهم لدواء "إنفوكانا" (وهو ما يُعادل 6 حالات لكل 1000 حالة كانت تتناول دواء "إنفوكانا"). بل وأنَّ ما يجب التأكيد عليه أيضًا هو أنَّه وبالاعتماد على التقارير التحذيرية لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية فإنَّ هناك حالات بتر أصابع كانت تتناول هذا العقار (إلَّا أنَّ طبيعة الأسباب لم تكن معروفة بشكل كامل).
لذا، فإنَّه من الضروري أنْ تُراعى مثل هذه الأعراض الجانبية قبل استخدام "إنفوكانا" كعلاج، وضرورة الالتفات إلى طبيعة الفئات التي لا يُناسبها هذا العقار على المستوى الصحي. بل وأنَّه لابد أنْ يكون تناوله - عمومًا - تحت وصفة علاجية واشراف طبي (حاله حال أي علاج أخر يتم تسويقه لِمَن يُعاني من السُكَّر)، ولا يجوز تناوله بصورة ارتجالية اعتمادًا على ما يتم نقله هنا وهناك من دعايات تجارية ودون علم الطبيب المُعالج.
0 comments:
Post a Comment