إنَّ ما يتم تداوله بخصوص الدواء الجديد الذي يحمل الاسم التجاري "فيتراكفي" (vitrakvi)، والذي يستهدف الطفرة الوراثية النادرة المعروفة باسم (TRK gene) الموجودة في بعض الأنواع السرطانية مثل سرطان الغدد اللعابية والدرقية والرئة والأنسجة الضامة، وتقدِّيمه كوصفة تستهدف منشأ السرطان وتقضي عليه بشكل نهائي، هو: أمرٌ مُبالغٌ فيه ويحمل عناوين إعلامية (بل وخلفيات تجارية تسويقية) ومُضلِّلة لحقيقة ما يجب أنْ يعرفه من هم في دائرة المُعاناة من مثل هذه الأمراض.
حيث إنَّ كل الذي يقوم به هذا الدواء هو فقط السيطرة على نمو وانتشار الأنواع السرطانية الحاملة لنفس الطفرة النادرة (المُشار لها في بداية الحديث) لأطول مدى مُمكن (وليس كلها "ولا حتى غالبها" كما يتم تداوله من قبل البعض). ليس هذا فَحسب، بل وإنَّه ليس بديلًا على الإطلاق عن العلاجات الكيمياوية والجراحية والإشعاعية المُتعدِّدة الأوجه.
فهذا الدواء [بحسب ما ورد في الدراسة التي تم نشرها حديثًا عنه في مجلة (New England) تحت اسمه العلمي "لاروتركتينيب" (Larotrectinib) والتي حملت هالة أكبر من لهيب رمادها] استهدف خمسين ونيف من المرضى الذين كانت لديهم نفس الطفرة الوراثية النادرة فقط؛ سواء كانوا من ضمن: الحالات التي لا تحتمل الجراحة أو الحالات التي لا يوجد لها بديل علاجي مناسب أو الحالات التي تطوَّر عندها المرض السرطاني بعد العلاج الكيمياوي المُقرَّر لها.
بل وأنَّ الغريب حقًا هو أنَّ نسبة الاستجابة الكاملة في نطاقها الأوّلي فقط وليس الدائم في عينة هذه الدراسة (الخمسين ونيف على تعدُّد تصنيفاتها) كما تضمَّنته النتائج لم تتجاوز حاجز الـ 13 بالمئة (وهي نسبة يفهمها من يدور حول محور العلاجات السرطانية في المراكز البحثية والإكلينيكية). ليس هذا فَحسب، بل وأنَّ الاستجابة عند بعض هؤلاء المرضى كانت وقتيةً، ومن ثَمَّ عاد المرض إلى سابق عهده في أجسادهم. هذا فضلًا عن أنَّ بعض المرضى الذين خضعوا للدراسة احتاجوا – مع العلم من كل ذلك - لإجراء عمليات جراحية في وقت لاحق. وهذا الطرح هو التوصِّيف الحقيقي لمعالم ما جاءت به نفس الدراسة التي تم الارتكاز عليها.
وعلى كل حال، فإنَّ هذا التوضيح يأتي في ظل الاتصالات المتواصلة من قبل الكثير من المرضى وذويهم بغية الحصول على هذا الدواء بأية طريقة كانت، بل والتوقُّف عن علاجاتهم الحالية، ظنًا منهم بأنَّ ما تم اشاعته هو أمر نهائي ولا ثغرات فيه؛ خصوصًا وأنَّ الإشاعة الإعلامية التي حملت لواءها صحف رسمية وشبكات عنكبوتية احتوت على عبارات فضفاضة، كعبارة "اقراره من قبل مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية"، وهي العبارة التي تحملها الكثير من الأدوية المُخصَّصة للأورام السرطانية (الكيمياوية وغير الكيمياوية) بغض النظر عن مدى تأثيرها العلاجي من عدمه!
0 comments:
Post a Comment