الموضوع
في الواحد والثلاثين من كانون الثاني من عام 2020م تم نشر بحث لمجموعة دراسية هندية تُفيد بأنَّ أربعة من البروتينات الصغيرة جدًا (inserts) تم الكشف عنها في فيروس كورونا الجديد لعام 2019م (nCoV-2019) تتشابه في تركيبتها مع تلك الموجودة في فيروس الأيدز (دون التطرق لأي مسألة أُخرى!). وهو الأمر الذي دفع بعض الأعلام الهندي الذي يدور عمله في الفضاء غير المتخصص في علوم الميكروبات للقول بأنَّ هذا الأمر يدعم ما كان يُقدِّمه مسبقًا بشأن نظرية المؤمرة وأنَّ الفيروس لا يعدو كونه إلَّا سلاحًا بيولوجيًا قامتْ بصناعته عقول صينية!
الملاحظات
- أولًا: إنَّ الورقة البحثية لم تخضع للمراجعة التفصيلية (peer reviewed) من قبل اللجان العلمية المتخصِّصة من أجل تقييمها وتحدّيد موقعها البحثي الحقيقي، ومن ثَمَّ أيضًا تأكيد قبولها أو رفضها، حيث إنَّنا لم نجد لها صدى في المجلات العلمية المعروفة في هذا المجال حتى لحظة كتابة هذه السطور، وهو الأمر الذي أشار له كذلك د. إرك فيجل-دينغ (Eric Feigl-Ding) المتخصص في علوم الصحة في جامعة هارفارد وجون هوبكينز. وللإضافة، فإنَّ التوزيع الجيني قد يظهر - لسبب أو لأخر - مُختلفًا أيضًا في حالات مُغايرة يتم تفكّيكها في مراكز بحثية أُخرى، حيث إنَّ البحث الهندي محدود الحالات عند استهدافه لفيروس كورونا.
- ثانيًا، إنَّ القول "بأن الفيروس تم هندسته كسلاح بيولوجي من قبل عملاء صينيين بالتعاون مع عميل كندي وتم تهريبه من بعد ذلك للصين" قد تم نشره قبل أسبوع من ظهور هذه الورقة البحثية تقريبًا، حيث قدَّمه بعض الأعلام الهندي غير المتخصّص (كما جاء في الموضوع)، وهو ليس موجود في نفس البحث. ليس هذا فحسب، بل وقيل ما يُشابه هذا الكلام أيضًا في شؤون فيروسات سابقة كان منها فيروس (MERS) لعام 2012م.
- ثالثًا، نُفيد هنا أيضًا أنَّه حتى مع وجود بعض مناطق التشابه الطفيفة بين الفيروسين، فالأمر ليس له وقع حقيقي في حال لم يكن لهذه المناطق المحدودة الأفق دور في مرضية الفيروس الـ (pathogenicity)، وذلك لأنَّ الأصل هو تحدِّيد طبيعة الدور المرضي لبعض الجينات وليس مجرد تعريف وجودها، خصوصًا اذا عرفنا بأنَّ فيروس كورونا هو فيروس تنفسي رئوي وفيروس الأيدز هو فيروس مناعي (أي أنَّ الاستهداف الخلوي مختلف تمامًا). ولقد عرفنا سابقًا بناءً على يقين قاطع أثناء تواجدنا في مراكز بحثية مُتعدِّدة بأنَّ التشابه في بعض المناطق الجينية بين بعض الأنواع الميكروبية المجهرية أمر قابل للحدوث (وليس بالضرورة أنْ يكون من صناعة المختبرات).
- رابعًا، إنَّ طبيعة الحالات على مستوى الإصابات والوفيات حتى الآن والتوصيف العام للمرض (بغض النظر عن حديث الإعلام)، لا يشير إلى ماجاء من قبل بعض الإعلام غير المتخصِّص في هذا الشأن.
والأمر لا يقتصر على هذه الملاحظات، بل إنَّ هناك غيرها من ملاحظات تخصّصية أُخرى (لا تعني عموم القراء) ولا داعي للتطرّق لها في هذه العجالة التوضِّيحية.
على العموم، ما ذكرناه هو التحلّيل العلمي والمنطقي لكامل الصورة بعيدًا عن أي عاطفة أو تحيُّز وضمن الإطار المعلوماتي المتوفِّر حتى هذه اللحظة (ما لم يستجد جديد ويُظهِر دلائل أُخرى)، والله أعلم.
------------------------------------
مواضيع ذات صلة: -
- بريطانيا تقدم آلية المناغة الجماعية كخيار طبيعي في مواجهة كورونا-كوفيد
- كورونا (كوفيد).. حقائق وأرقام وما لم تسمعه بعد! على روتانا خليجية مع د. محمد آل محروس
- رعب كورونا.. حقيقة أو تضخيم؟.. على قناة سكاي نيوز عربية مع د. محمد آل محروس
- مستجدات كورونا مع نهاية فبراير 2020م
- مستجدات كورونا (كوفيد) مع بدايات فبراير 2020م: الصين تتهم أمريكا بتهويل الموضوع
- عناوين كورونا ٢٠١٩ الغائبة عن الكثير من الناس
على العموم، ما ذكرناه هو التحلّيل العلمي والمنطقي لكامل الصورة بعيدًا عن أي عاطفة أو تحيُّز وضمن الإطار المعلوماتي المتوفِّر حتى هذه اللحظة (ما لم يستجد جديد ويُظهِر دلائل أُخرى)، والله أعلم.
------------------------------------
مواضيع ذات صلة: -
- بريطانيا تقدم آلية المناغة الجماعية كخيار طبيعي في مواجهة كورونا-كوفيد
- كورونا (كوفيد).. حقائق وأرقام وما لم تسمعه بعد! على روتانا خليجية مع د. محمد آل محروس
- رعب كورونا.. حقيقة أو تضخيم؟.. على قناة سكاي نيوز عربية مع د. محمد آل محروس
- مستجدات كورونا مع نهاية فبراير 2020م
- مستجدات كورونا (كوفيد) مع بدايات فبراير 2020م: الصين تتهم أمريكا بتهويل الموضوع
- عناوين كورونا ٢٠١٩ الغائبة عن الكثير من الناس
0 comments:
Post a Comment