Sunday, 15 March 2020
March 15, 2020

إنجلتزا تقدم آلية المناعة الجماعية المغايرة لآلية سائر الدول كخيار طبيعي في مواجهة كورونا-كوفيد١٩


قررت اللجنة العلمية الاستشارية في بريطانية (The UK’s Scientific Adviser) التي تتكوَّن من شخصيات ريادية في العالم في الطب الوقائي (Epidemiology) وفي الصياغات الصحية الحسابية (Mathematical modeling) وفي مجال الفيروسات (virology) وغيرها من مجالات تخصصية دقيقة والتي يرأسها السير باتريك فالنس (Sir Patrick Valance) أنْ تنحو منحى مختلفًا عمَّا قامتْ به سائر الدول في آلية التعامل مع فيروس كورونا-كوفيد-2019 بعد دراسة امتدتْ منذ بداية العام الحالي 2020م (ولسيت وليدة اليوم) والتي ارتكزتْ في معطياتها على البيانات المحكمة والموثَّقة (بعيدًا عن التضخيم أو عدم الاكتراث، كما أفادتْ).

ويتمثَّل الموقف الإنجليزي باختصار في ترك الفيروس يأخذ مجراه الطبيعي عبر خطوات مدروسة وتدرُّجية تستهدف حماية أصحاب المناعة الضعيفة أولًا، الأمر الذي سيتبلور عنه (كما أفادت) بأنْ يبني غالب الناس مناعتهم بصورة طبيعية لكي ترتسم عبره صورة المناعة الجماعية (Herd immunity).

ولقد أفادتْ اللجنة في تصريحها على لسان السير باتريك فالنس بأنْ ما يُعادل 60% كحد أدنى (أي ما يقارب 40 مليون شخصًا من سكان المملكة المتحدة، بعد دراسة التوزيع الديموغرافي في الجزيرة الإنجليزية) سيجتاز مرحلة الإصابة بصورة سهلة دون معاناة البتة بعد مواجهته للفيروس، وهي النسبة التي تحتاجها المنطقة المستهدفة كي تكوِّن مناعة جماعية لكورونا-كوفيد (كونه ينتشر بسرعة تصل إلى حدود 2.4-3 أشخاص من الحامل أو المصاب بالفيروس، مقارنة مثلًا بالحصبة التي تنتقل بسرعة تصل إلى حدود 12 شخصًا من الحامل أو المصاب بالفيروس والتي على أساسها تحتاج إلى نسبة مناعية جماعية تصل إلى حدود 90%). 

ولاحظ للتأكيد بأنْ النسبة قد تم استخلاصها ارتكازًا على فهم اللجنة لشرائح المجتمع الإنجليزي العمرية والمرضية وغيرها من محاور جوهرية يُرتَكَز عليها أيضًا في مثل هذه الدارسات، بمعنى أنّ هذه النسبة قد تكون أعلى في دول أُخرى تحتل نسب فئاتها العمرية الشبابية وذات المناعة غير الضعيفة مراكزًا أعلى.

ومن بعدها بيَّنت بأنَّ 50% (وهي 4 ملاين شخصًا) من النسبة المتبقية في الجزيرة الإنجليزية قد تتشكل لديها أعراض قوية ولكنَّها قد لا تحتاج للذهاب للمشفى، وأنَّ النسبة المتبقية قد تحتاج للمشفى خلال ذروة الارتفاع التي قد تستمر لمدة 3 أسابيع. 

وبدأتْ من بعد ذلك تتدرّج في توضِّيحها للكيفية التي قد تتأثر عبرها بعض شرائح الشعب من أصحاب المناعة الضعيفة من الكبار في السن ومن الذين يعانون من أمراض مزمنة وفق طرح علمي دقيق والذي قد ينتج عنه نسبة وفيات تصل إلى حدود 1% (والذي بيَّنت فيه كذلك الطبيعة العامة لمعاناة هؤلاء كل عام جراء هجوم فيروسات تنفسية أُخرى مثل الأنفلونزا الموسمية والذين قد يدخلون ضمن نفس عنوان نسبة الوفيات). بل وأفادتْ بأنَّ غالب أصحاب المناعة غير الضعيفة سيُشاركون في وقاية المجتمع بأكمله عبر تصديهم مستقبلًا لنفس هذه السلالة الكورونية.

ولعل هذا الطرح شبيه لحد كبير بالأستراتيجية التي تتبعها إنجلترا وغيرها من دول أيضًا عند تعاطيها مع لقاح الأنفلونزا الذي يحتوي على ثلاث سلالات تخمينية يتم افتراض ظهورها كل عام من ألاف السلالات الأنفلونزية والذي يتم تكراره سنويًا ، وذلك لأنَّها تنصح به فقط لأصحاب المناعة الضعيفة دون غيرهم (وفق معطيات دراسية شبيهة)، وذلك لأنَّ أصحاب المناعة غير الضعيفة قادرين على تكوِّين مناعتهم بشكل تلقائي ضد الفيروس الأنفلونزي الموسمي دون الحاجة لأي دعم طبي، بل وقد لا يشعرون أيضًا في غالب الأوقات باصابته (كما هو الحال بالنسبة لكورونا-كوفيد، كما تفيد البيانات المعتمدة والمحكمة). ويأتي هذا الطرح علمًا بأنَّ الأنفلونزا الموسمية بالأحصاءات الدقيقة وقعها أكبر على أنجلترا وغير أنجلترا. بل وأنَّ نفس الفئة التي يتشكَّل حولها الحذر جراء الكورونا، هي نفس الفئة (كما لمّحنا في الفقرات السابقة) التي تُعاني الأمرين من الأنفلونزا الموسمية!

على العموم، فإنَّ إشارة اللجنة العلمية الاستشارية الإنجليزية هذه ركّزت على ضرورة أنْ تكون القاعدة الصحية جاهزةً لاستقبال الشريحة ذات المناعة الضعيفة (كما هو الحال في كال عام)، وليس في إيقاف كامل البلاد وإنهاكه اقتصاديًا وإغلاق مدارسه التعليمية (كما أفادتْ)، وهو الأمر الذي قد لم تلتفت له إيطاليا مثلًا كما تقول (والمقصود هنا هو أنَّ معاناة إيطاليا مع مرضاها من أصحاب المناعة الضعيفة الكبار في السن على وجه الخصوص والذين وصل عدد الوفيات فيهم لحدود بضع مئات من الحالات من أصل 31 ألف حالة أعطوا نتيجة للفيروس ضمن نطاق سكاني يُقدَّر بحدود 60 مليون مواطنًا قد نتج بالدرجة الأولى من غياب التهيئة الصحية وليس من غياب أي عنوان آخر يتم التسوّيق له من قبل البعض عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي). وهذا الكلام طبعًا لا يعني التقليل من شأن الفيروس، بل هو توضّيح إضافي لحقيقة الموقف والأسباب التي أدّتْ لتفاقمه على أراضيهم.

وفي نفس الوقت يأتي التأكِّيد هنا أيضًا على أنَّ غالب الأرقام التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الإجتماعي هي أرقام جافة ولا تُعبِّر في حقيقة الأمر عن حقيقة ما يجري، بل وأنَّ كل ما يتم قوله عن بعض نسب الوفيات يتجاهل التاريخ المرضي للمرضى وأحوالهم الجسدية السابقة وكيف أنَّ بعضهم في وضع صحي من الأساس متدهور. يُضاف لهذا، أنَّ مجموعة من المقاطع أخذت تصول وتجول عبر النت لحالات منسوبة لفيروس كورونا وهي إمَّا قديمة أو تم أقحامها عنوةً من أجل التخويف والتهويل بالأمر.

بل وأضافتْ اللجنة نقطة مهمة وهي أنَّ الفيروس – في حال إبعاد الناس عنه - سيبقى قنبلةً موقوتةً قابلةً للانفجار في أي وقت بسبب عدم تعرضّهم له. ولعل هذا (كما أفادتْ أيضًا) ما قد تُعاني منه الصين بسبب شدة الإجراءات الاحترازية وصرامتها عندها. وهذا الكلام يُمثِّل وجهة نظر اللجنة العلمية، ولا يعني خطأ الأجراءات التي قامتْ بها الصين أو التقليل من شأن الأجراءات الاحترازية التي قامت بها (كما أفادتْ)!

وهي تؤكد كذلك بأنَّ التجارب السابقة تدعم هذا الطرح وتسانده علميًا. بل وتضيف بأنَّ احتمالية ظهور الفيروس في الشتاء القادم قائمةً في حال تم محاصرته فقط في نطاقات جغرافية محددة، وذلك لأنَّه قد يتحوَّل لفيروس موسمي يظهر في كل عام وليس فقط هذا العام، بمعنى أنَّه لن يتم القضاء عليه تمامًا، ولكنَّه بالإمكان فقط التقليل من أضراره، والسبيل الوحيد لذلك يتم عبر مواجهته بالمناعة الجماعية الطبيعية والتي تُعدُّ الحل الأفضل والأمثل من وجهة نظرها العلمية.

بل وتؤكد عبر كل هذا الطرح بأنَّه في الوقت الحالي فإنَّ المتوقع بأنَّ الفيروس قد انتشر ووصل إلى ما يُعادل 10 آلاف شخصًا في إنجلترا لوحدها وأنَّ الموقف بصورته البيانية الدراسية والإحصائية المحكمة يؤيد الذهاب بهذا الاتجاه ويعزّز قواعده. بل وتفيد بأنَّ العدد قد يكون أكثر من ذلك بسبب أنَّ غالب الإصابات تكون عادةً بدون أعراض (كما تقول)، وهو ما قد ينطبق على الكثير من الدول والذي حتمًا سيتم تبيانه في حال تم القيام بسمح ميداني عشوائي.

وهي تؤكَّد هنا على أنَّ موقفها يسعى في مقامه الأوَّل (عبر تفهمها لكامل المشهد بكل ما فيه من تفاصيل جوهرية) لتقليل حدة المعاناة وخفضها لمستويات متدنية وحتى لا يكون هناك ضغط على الخدمات الصحية في آنٍ واحد مما قد يفقدها السيطرة على زمام الأمور كما حدث في بعض الدول. وفي المقام الثاني هي تسعى أيضًا لمؤازرة الكبار في السن خلال هذه الحقبة والاستعداد لخدمتهم صحيًا والتأكُّد بأنَّهم محميون بقدر الإمكان، لأنَّهم (وكما ذكرنا) هم المعنيون بكل هذا الهجوم الكوروني.

لذا، هي أدخلت هذه الآلية عبر مراحل تدرُّجية، تبدأ من بعض الإجراءات الاحترازية المدروسة ضمن نطاق ضيق كي لا يكون عدد الحالات كبير (Contain phase)، وهي الآلية التي تُقسِّم عمومًا التصوُّر الشعبوي الموضوع لتجمعات صغيرة (small gathering) وتجمعات كبيرة (large gathering)، ومن ثَمَّ يتم الدخول في المرحلة الثانية (delay phase) التي يتم التدرُّج فيها من بعد ذلك من خلال استقبال الفيروس ضمن نطاق محكم عملي ومدروس على مستوى الجزيرة الإنجليزية (لا يسع المجال للتوغل في تفاصيله في هذه العجالة)، ولكنَّه سيكون مرن وقابل للمعالجة عبر إدخال بعض الأجراءت ولأنظمة الاحترازية متى ما استدعت الحاجة كي تبقى الحالات الإيجابية في صورة مستوية دون أنْ تصل إلى القمة (peak value) وكي يكون الوقت في صالحهم عندما يدخل فصل الصيف ولكي يتنكنوا أيضًا من تفعيل المرحلة الثالثة المتمثِّلة في إجراء البحوث على السلالة المعزولة على أرضيهم (research phase). وأخيرًا تأتي المرحلة الرابعة المتمثِّلة في التهدئة (mitigate phase)، وهي مرحلة بها تداخلات مع المراحلة السابقة ولا يسع المجال لتشريحها بالكامل. وكل هذا يدخل في دائرة التصور (modeling) العلمي المرسوم للطب الوقائي الديموغرافي والسلوك العلمي (Behavioral science)، وهي علوم تتمتَّع ببعد دراسي وبحثي عميق في مثل هذه القضايا الميكروبية المجهرية الدقيقة.

على كل حال، هي الصياغات والدراسات العلمية التي جاء به الأنجليز بمنظار علمائهم في هذه القضية الصحية الهامة المرتبطة بالتصدِّي لإحدى السلالات المجهرية المستجدة ذات البعد المؤطَّر بالبيانات الإحصائية البيولوجية المعتمدة والمحكمة من قبلهم كلجنة علمية استشارية محورية في العالم وليس في الجزيرة الإنجليزية فقط والتي أرتأتْ بأنَّها منطقية. وهو الطرح أيضًا الذي رضت به كلجنة علمية واقتنعت به بغض النظر عن قرار حكومتها النهائي في هذا الشأن، وهو لا يعني بأنَّ اي طرح آخر ليس صواب! وذلك لأنَّ الجميع يسعى لغاية واحدة.

وهنا نؤكَّد بأنَّ حركة هذه السلالة الفيروسية قد تأرجَّحتْ في حدتها من منطقة إلى منطقة ومن دولة إلى دولة. ففي الصين نفسها (البلاد المحور للكوفيد) وصلت الوفيات في منطقة واهان إلى نسبة فاقت مجتمعةً حدود 3.4%، بينما وجدناها تقل في بقية مناطق الصين إلى ما هو دون 4%. وبل وأنَّ غالب من تشكََلت عندهم الإصابة في دول الخليج مثلًا لم تظهر عليهم أعراض البتة وأنَّ نسبة الوفيات عند الخليجين - ولله الحمد والشكر - هي عمومًا صفر% حتى تاريخ كتابة هذه السطور (وهو عنوان له محاوره الخاصة الذي يدخل من ضمنها أيضًا - عند المقارنة - مدى تأثير الأنفلونزا مثلًا على واقعنا الخليجي ودقة الأحصاءات الموجودة بسسبه والتاريخ المناعي لأبنائها والتركيبة الجينية والتغيرات المناخية وغيرها من معطيات بحثية دقيقة). لذا، قد تكون المقارنة أحيانًا غير عادلة بين المناطق في طبيعة النسب وتدهور الوضع لأسباب كثيرة لا يسع المجال للحديث عنها بالتفصيل في هذه النشرة التوضيحية (علمًا بأنَّنا لمّحنا لبعض عناوينها في الفقرات الآنفة الذكر)، وذلك لأنَّها تحتاج لأستعراض علمي كامل ومُفصَّل كي تتضح معالمه، وهو حتمًا أيضًا يتضمَّن الكثير من العناوين البيولوجية وغير البيولوجية.

وعليه، نقول بأنَّ الرؤى العلمية تتعدَّد والآليات التطبيقية تتشكل وفقًا لطبيعة المرحلة والخبرات السابقة والإجابات المتبلورة حول بعض الإسئلة التي يتم تركيبها في حلقات تكميلية لسلسلة واحدة، فرحلة الفيروس انطلقتْ في مرحلتها الأولى في الصين، ومن ثَمَّ ارتسمت مرحلتها الثانية بالدرجة الأولى في كوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا، وها هي الآن تضع معالمها كمرحلة ثالثة بتصور آلي جديد في إنجلترا وبعض الدول الأوروبية الأخرى كالسويد.

------------------------------------
مواضيع ذات صلة: -
كورونا (كوفيد).. حقائق وأرقام وما لم تسمعه بعد! على روتانا خليجية مع د. محمد آل محروس
رعب كورونا.. حقيقة أو تضخيم؟.. على قناة سكاي نيوز عربية مع د. محمد آل محروس
مستجدات كورونا مع نهاية فبراير 2020م
مستجدات كورونا (كوفيد) مع بدايات فبراير 2020م: الصين تتهم أمريكا بتهويل الموضوع
ما حقيقة الورقة البحثية التي تم إجراؤها على الكورونا بواسطة المجموعة الهندية والتي تغذي نظرية السلاح البيولوجي؟
عناوين كورونا ٢٠١٩ الغائبة عن الكثير من الناس

0 comments:

Post a Comment