كما هو معروف فإنَّ غالب أنواع المملكة الحيوانية البحرية التي على رأس قائمتها تتربّع الأسماك تملك قشورًا أو حراشفًا (فلسًا) تكسو جلدها (وتكاد هذه الجملة تنطبق تقريبًا على غالبها، حتى تلك التي يتم تعريفها من قبل البعض خطأً بِأنَّها ملساء).
إلَّا إنَّ ما لا يلتفت له الكثير من الناس (عند توسِّيع رقعة الحديث عن الأحياء البحرية) هو نوع هذه الحراشف، وذلك لأنَّها تختلف في أحجامها وأشكالها وتركيبتها البيولوجية؛ بل وأنَّها تتدرَّج أيضًا في قوتها؛ فقد تكون قويةً وخشنةً وتشكِّل طبقةً حاميةً لها (كما هو الحال في الربيان)، وقد تكون مجهريةً أو غائبةً تمامًا (كما هو الحال في ثعابين الماء). وهو الأمر الذي يُرتكَز عليه في تعرِّيف الأصول التي تنتمي إليها الأصناف الحيوانية البحرية بصورة عامة (سواء كانت سمكًا أو غير ذلك).
إلَّا إنَّ ما لا يلتفت له الكثير من الناس (عند توسِّيع رقعة الحديث عن الأحياء البحرية) هو نوع هذه الحراشف، وذلك لأنَّها تختلف في أحجامها وأشكالها وتركيبتها البيولوجية؛ بل وأنَّها تتدرَّج أيضًا في قوتها؛ فقد تكون قويةً وخشنةً وتشكِّل طبقةً حاميةً لها (كما هو الحال في الربيان)، وقد تكون مجهريةً أو غائبةً تمامًا (كما هو الحال في ثعابين الماء). وهو الأمر الذي يُرتكَز عليه في تعرِّيف الأصول التي تنتمي إليها الأصناف الحيوانية البحرية بصورة عامة (سواء كانت سمكًا أو غير ذلك).
فَعلى سبيل المثال، فإنَّ الأسماك الغضروفية مثل أسماك القرش تكون مكسوةً بِـ حراشف لوحية (placoid scales)؛ وليس صحيحًا أنَّ يقول أحدهم بأنَّها بدون حراشف. بينما نجد غالب الأسماك العظمية تكون مكسوةً بِـ حراشف مُستديرة (cycloid scales) مثل السالمون وسَرَطان البحر (وغيرها من أسماك دارت حولها الكثير من التساؤلات، سيأتي ذكرها في الفقرات القادمة)، أو قد تكون مكسوةً بِـ حراشف دائرية مُعزّزة بتعرُّجات كالمشط (ctenoid scales) كما هو الحال في سمك البرش (أو الفرخ) الذي يكثر في المياه العذبة في نصف الكرة الشمالية والذي يُوجَد منه أنواع عديدة، أو قد تكون مكسوةً بِـ حراشف برَّاقة (ganoid scales) كما هو الحال في سمك الحفش (الذي يعيش في أواراسيا وشمال أمريكا) المُتعدِّد الأنواع. وهناك غيرها من حراشف تكسو الأسماك العظمية لا يستدعي المقام الإشارة لها على نحو كامل (حيث إنَّ الهدف من ذكر أكثرها شهرة هنا هو: بيان أنَّ حراشف الأسماك العظمية مُتفاوتة في مواصفاتها)، وأنَّ الحلقة التصنيفية الجامعة بينها تكمن في كونها "أسماك عظمية" وليست "غضروفية" كالقرش.
وانطلاقًا مِمَّا تقدَّم نذكر بأنَّ تركيبة حراشف الأسماك العظمية - عمومًا - قريبةٌ من تركيبة أسنان الفقاريات، وعادةً يُطلَق عليها بالزوائد الجلدية. ولعل الحديث عن هذه النوعية من الحراشف على وجه الخصوص والتركِّيز عليها دون غيرها راجع لكونها ترتبط تقريبًا بالطبقة الخارجية لِغالب الأسماك العظمية التي يصطادها البحَّارة من أجل التغذِّي عليها والمُتاجرة فيها في أسواق السمك العربية والكثير من الأسواق الأجنبية (كالهامور والسوَّد والسمان والناجل والشعري والعريضي والحامر والزبيدي والميد والسوبريم وغيرها الكثير من الأسماك التي لا يسع المجال لذكرها جميعًا لأنَّها بالمئات). فهذه النوعية من الأسماك (العظمية) تختلف - مثلًا - عن أسماك القرش (الغضروفية) في طبيعة شكل وحجم وتركيبة حراشفها. وهذا الكلام أيضًا لا يعني الجزم بأنَّ كل الأسماك العظمية تملك حراشف (فلس).
وعلى هذا الأساس، أشتبه - مثلًا - على بعض الناس (ومن ضمنهم الكثير من مؤسَّسات الثروة السمكية في الدول العربية وغالب الصيَّادين وللأسف الشديد) موضوع وجود الحراشف على جلد سمك الصافي؛ فقال بعضهم خطأ (واهمين) بأنَّه بدون حراشف! بينما الصحيح هو أنْ نقول (اعتمادًا على فحص طبقته الخارجية) بأنَّ حراشفه ليست كسائر الحراشف الموجودة على غالب الأسماك العظمية، بل هي نوعية خاصة من الحراشف المُستديرة (cycloid scales) التي تمتاز بحجمها الصغير جدًا الذي لا يستطيع الإنسان في غالب الأوقات رؤيتها بعينه المُجرَّدة دون تمحيص وفحص دقيق. وهي حراشف أيضًا قد لا تكون موجودةً في بعض مناطق جسم هذه السمكة العظمية. لذا، فإنَّ الأصوب أنْ يتم تعريفها بصفتها سمكة عظمية ذات حراشف تكون في غالب الأوقات بحجم صغير للغاية من النوع المُستدير. وهذه الكلام ينطبق إلى حدٍ كبيرٍ على سمك الكَنعد أيضًا الذي يملك هو الأخر حراشف صغيرة جدًا وهشة، بحيث إنَّها في العادة تنفصل عن الجلد بعد إخراجه بشبك الصيد من الماء. لذا فإنَّ ظهور الكَنعد أحيانًا بدون حراشف خارج الماء (أي بعد فحص جلده مجهريًا) لا يعني أبدًا عدم امتلاكه لها. وهو الأمر الذي يؤكِّد لنا ضرورة توصِّيف الأسماك بصورتها الطبيعية وهي على قيد الحياة في بيئتها المائية وليس بعد اصطياده ومن ثَمَّ إخراجه منها.
وفي المقام الأخر، فإنَّ المُتبقِّي من أنواع مملكة الحيوان البحرية – عند غياب الحراشف عليها – تكون إمَّا محميةً بدرعٍ واقٍ، أو أنَّها تكون بدون كسوة حرشفية مُطلقًا (كما تقدَّم ذكره).
وبعيدًا عن موضوع كسوة الأسماك بالحراشف، فإنَّ غالبها أيضًا يفرز طبقةً لزجةً واقيةً لها شبيهةً بالطبقة المُخاطيّة تعمل على حمايتها من محيطها وتساعدها على محاربة الأحياء المجهرية التي قد تتطفّل عليها. وهو الأمر الذي يعني أنَّ سُبل الوقاية من الآفات الخارجية لا تقتصر فقط على وجود الحراشف (الفلس).
ومن هنا نؤكِّد على ضرورة الالتفات إلى: أنَّ مسألة تحرِّيم ما هو بدون حراشف (فلس) من الأسماك ترتبط بدائرة التشريعات الفقهية على وجه الخصوص (ولها فلسفتها ومُقوِّماتها الروائية)، وأنَّ محاولة ربط وجود الحراشف بنظافة الأسماك وسُميَّتها والارتكاز عليه كعلة تحريمية (كما يروّج له البعض) هي من الأمور غير الدقيقة. فهذا شأنٌ وذاك شأنٌ أخر.
ليس هذا فَحسب، بل وأنَّ اكتفاء البعض (عند حديثه عن الأسماك وبقية أنواع مملكة الحيوان البحرية) بالقول: بأنَّها تنقسم إلى قسمين (إحداهما بِـ حراشف والأُخرى بدون) هو كلام أيضًا غير دقيق ولا ينم عن فهم حقيقي لطبيعة التركيبة الخارجية الحامية لها. بل وأنَّ الأصح في هذا المقام أنْ يتم اللجوء إلى نوعية هيكليتها البانية لقوامها الجسماني (أي القول كما تمت الإشارة له في المُقدِّمة: بأنَّها غضروفية أو عظمية، أو حتى رخوية، أو ما جاء على غرار هذا الطرح الشارح لهويتها الحقيقية).
وعليه، نستطيع القول: بأنَّ كلام البعض التعلِّيلي لبعض قضايا المأكولات البحرية في شؤون سُميَّتها من عدمه تتخلَّله العواطف والتحيُّزات العقدية التي لا يجوز الزج بها في محاور هذه العناوين الفسيولوجية دون تقدِّيم تفاصيل توضِّيحية تشرح الركائز البحثية التي تم الاعتماد عليها في صياغة الخُلاصات التي خرجوا بها.
0 comments:
Post a Comment