العلاج المُتاح لرمد العيون
استكمالا للمقال السابق: "رمد العيون" (التهاب ملتحمة العين)، نستطيع أن نوجز علاج رمد العيون، كمادة تثقيفية وتعريفية بطبيعة التمايز الموجود في علاج أنواع رمد العيون، (والذي يجب أن يوصف بواسطة واشراف الطبيب المُختص، وليس المريض نفسه) في ثلاثة محاور معرفية رئيسة، يتضمن كل محور فيها أمثلة توضيحية وليست تفصيلية.
المحور الأول
في حال الإصابة بالرمد الصديدي الميكروبي البكتيري فإن العلاج سيكون (بشكل عام) باستخدام المضادات الحيوية، كقطرات العين التي تحتوى على "صوديوم سلفاسيتاميد" (sodium sulfacetamide)، بحيث يكون استخدامه من 7 أيام إلى 14 يوم، وبشرط أن يبدأ التحسن بعد 72 ساعة والتي تُعتبر مؤشر على فعالية المُضاد. وفي حال لم يكن هناك تحسن يُذكر ولم يتحقق هذا الشرط، فإن ذلك سيعني مُقاومة البكتيريا للمضاد المُستخدم والذي سيستدعي ضرورة تغيير ذلك المُضاد.
ومن ناحية أخرى، فإن التشخيص الخاطئ للمرض قد يكون سببًا في عدم الاستفادة من المُضاد المُستخدم. (أي أن المسبب ليس من العائلة البكتيرية، وقد يكون أي سبب آخر، والذي قد يشمل ميكروبات ليست بكتيرية ومن أهمها الفيروسات.
والتوضيح أعلاه هو من باب المثال فقط، علمًا بأن استخدام المضادات الحيوية يُفترض (بشكل عام) أن يخضع لفحوص الحساسية المخبرية أولًا وقبل إعطائه للمريض. إلا أنه وفي بعض الأحيان يتم إعطائه للمريض إذا تطلب الأمر (وبشكل عاجل) من أجل تفادي أي مُضاعفات خطيرة قد تؤثر على العين المصابة.
وعليه، سنوضح بعض الأمثلة في هذا المحور (في السطور التالية لأهم الأمراض البكتيرية) لتكتمل الصورة.
فمثلًا، يتم علاج بكتيريا الكلاميديا التناسلية المسببة للتراخوما بواسطة مُضادات حيوية من ضمنها "الإيرثرومايسين" (Erythromycin) الذي يُعطى في هيئة "جل"، لتدهن به العين المُصابة مرتين في اليوم، ويُضاف له المضاد الحيوي الذي يُعطى عن طريق الفم "التتراسيكين" (tetracycline)، وقد تصل مدة العلاج إلى ثلاث أسابيع، وقد تمتد لشهر. هذا ويجب إعطاء هذا العلاج للشريك الآخر من أجل وقايته (أو علاجه إذا كان مصابًا) لان هذه النوعية من البكتيريا تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية وقد تصل للعين بشكل غير مباشر.
ويجدر بنا القول، أن التهاب ملتحمة العين الذي يكون سببه "الجونوريا" (بكتيريا السيلان التناسلية) يتم علاجها بواسطة مُضادات حيوية من ضمنها "السيفتريكزون" (ceftriaxone) الذي يُعطى عن طريق العضل ويُعطى معه مُضاد حيوي آخر على هيئة "جل" وهو "الإيرثرومايسين" (Erythromycin)– المذكور سالفاً- المُضاف له "الباكتيسريسين" (Bactracin)، حيث يُعطى هذا العلاج بمعدل أربع مرات في اليوم لمدة 14 يوم. هذا ويجب إعطائه للشريك الآخر أيضاً من أجل وقايته أو علاجه لان هذه البكتيريا تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية (كما هو الحال عند الإصابة بالكلاميديا).
ويتسبب "الجل" (المرهم) عادة في طمس الرؤية لمدة قد تصل لنصف ساعة، لهذا لا يُفضل أخذه قبل الخروج من المنزل مباشرةً وخصوصًا عند قيادة السيارة.
وبمجرد بدء المُضاد في أخذ مفعوله ضد الجرثومة البكتيرية الموجودة في العين فإن الشخص يتعافى خلال فترة تتراوح من 24 إلى 48 ساعة (بإذنه تعالى).
المحور الثاني
وعلى عكس الرمد الصديدي الميكروبي البكتيري، فإن الرمد الميكروبي الحبيبي (الطبيعي) الفيروسي لا يُستخدم فيه أي مُضادات حيوية، وذلك لأن الجهاز المناعي يقوم بدوره الطبيعي في محاربة الفيروس والقضاء عليها بشكل تلقائي.
ويكون الصراع مع الفيروس في ذروته خلال الـ 48 إلى 96 ساعة الأولى، ومن ثم تبدأ الأعراض في الاختفاء بشكل تدريجي، بحيث يتعافى الشخص من المرض بشكل كامل خلال أقل من شهر.
وقد يقوم بعض الأطباء بوصف مراهم "جل" من المضادات الحيوية (التي ذُكر بعضها أعلاه)-كإجراء احترازي- من أجل الوقاية من الالتهاب البكتيري الذي قد يظهر كإصابة ثانوية.
وفي حال كان السبب هو فيروس "الهربس" (herpes)- وهو فيروس يظهر في منطقة مُعينة تكون امتدادا لنهايات عصبية كتلك التي تظهر على حواف الشفتين-، فإن العلاج قد يُستخدم فيه "الإسترويد" (steroids)- إذا تطلب الأمر- ومضادات الفيروسات مثل "السيكلوفير" (acyclovir).
ويُفيد وضع الكمادات الدافئة (وهي عبارة عن قطعة قماش مُبلله بماء دافئ يتم عصرها قبل استخدامها) على العين المصابة بالرمد الميكروبي (بشكل عام، سواء كان بكتيري أو فيروسي)– من 5 إلى 10 مرات في اليوم- في التخفيف من ألم ملتحمة العين.
المحور الثالث
أما في حال الإصابة بالرمد التحسسي- الناتج عن مؤثر خارجي-، فإن الابتعاد عن المؤثر (المادة المُهيجة) هو على سلم أولويات النصائح الطبية التي يتم تبليغها للمريض، لأن ذلك سيُقلل من المواد الكيميائية التي يفرزها الجسم ومن ضمنها "الهيستامين" (Histamine).
ومن ناحية أخرى، فإن قطرات العين والتي تحتوي على مُضادات "الهيستامين" تلعب دوراً كبيراً في السيطرة على المنطقة المُتهيجة من العين.
ومن أمثلة قطرات العين المعروفة والمُستخدمة في هذا المجال والتي تُساعد على إزالة الألم والالتهاب "نافكون-أ" (Naphcon-A)، المعروفة باستخدامها للعين المصابة بالاحمرار والتي تذرف الدموع وبها حكة وحساسية ناتجة من حبوب اللقاح المُتطاير والغبار وغيرها من مواد مُهيجة. ويحتوي هذا المركب على "نفازولين هيدروكلوريد" (naphazoline hydrochloride) ومضاد "هيستامين" يسمى "فينيرامين ميليت" (pheniramine maleate)، حيث يُعطى هذا المركب بمقدار نقطتين وبمعدل أريع مرات في اليوم. ولا يُعطى هذا الدواء- عادة- للأشخاص الذين يعانون من أمراض قلب أو ضغط دم أو مشاكل في الأبوال أو ضيق زاوية العين (الجلاكوما).
وهناك أمثلة أخرى لهذه النوعية من الأدوية ومن ضمنها "أوبكون-أ" (Opcon-A)، والذي يحتوي على مضاد "الهيستامين" ايضاً والذي يستخدم عند تهيج العين (كما هو الحال في الدواء السابق) مع وجود اختلافات طفيفة في التصنيع.
ومن الممكن أن يُعطى المريض مُضادات للاحتقان للتخفيف من حدة المرض والسيطرة على الحالة المرضية.
ويُفيد وضع الكمادات الباردة– على عكس الرمد الميكروبي- (وهي عبارة عن قطعة قماش مُبلله بماء بارد يتم عصرها، أو لفها بقطع ثلج) على العين المصابة بالرمد الربيعي التحسسي (بشكل عام)– من 4 إلى 6 مرات في اليوم لمدة 4 أيام، على أقل تقدير- في التخفيف من ألم ملتحمة العين.
أن استخدام قطرات غسيل العين، مثل "بوريك أسيد" (Boric acid eyewash)، أو استخدام غسيل الأعشاب الطبيعي المسمى بـ"الكاموميل" يُفيد في مثل هذه الحالات، حيث يتم نقع من 3 إلى 4 ملاعق منه في ماء مغلي لتيم استخدامه بعدها دافئاً.
وفي حال كان هناك جفاف في العين لسبب ولآخر (كما هو الحال عند حدوث التهاب نتيجة للبس العدسات اللاصقة) فإن الدموع الاصطناعية ستكون (بإذنه تعالى) مُفيدة.
صفوة هذه المقالة
إن هذه المقالة- وفي مقامها الأول واستكمالًا للمقالة السابقة- تُعرف بالأمثلة العلاجية العامة لأنواع رمد العيون (التهاب ملتحمة العين) وأهميتها للتمكن (وكما ذكرنا في المقال السابق) من إدارة المرض ومنع أي مُضاعفات قد تنتج منه (من ناحية أولى) وحتى لا ينتشر المرض لأشخاص آخرين في حال كان السبب ميكروبي ( من ناحية أخرى)، حيث كان الحديث عن طبيعة الأدوية المُستخدمة التي يجب أن توصف بواسطة الطبيب المُختص- في هذا المجال بشكل عام ودون الدخول في بعض التفاصيل-، والتي كانت تهدف للتخلص من السبب المؤدي للإصابة بالمرض.
0 comments:
Post a Comment