قبل كل شيء يجب على الجميع أن يعرفوا بأن الأنفلونزا تحدث نتيجة لفيروس متغير وقادر على اتخاذ أشكال مختلفة، والذي من خلالها يستطيع أن يهاجم الجسم باستمرار. وأن جميع اللقاحات التي تُعطى كل سنة للأشخاص من أصحاب المناعة الضعيفة في الدول الغربية هي فقط تُصنع سنوياً من باب توقع السلالات التي قد تحدث. وهذا لا يعني حماية الإنسان من الفيروس نهائيا، بل يعني حمايته فقط لسنة واحدة وبنسبة تُعادل تقريباً 30% (وقد ترتفع أو تزل هذه النسبة بتغير السن).
وكوني حاليا أبحث في استخلاص بعض المضادات الحيوية ضد بعض البكتيريا الممرضة. وكوني موجود مباشرة في مستشفى مانشستر الجامعي في قسم البحوث العلمية والذي يتضمن قسم الفيروسات ووكالة الوقاية الصحية، فقد يساعدني هذا على:
استخلاص بعض النقاط فيما يتعلق بموضوع أنفلونزا الخنازير
أولاً، نحن جميعا نؤيد موضوع التوعية الصحية والتعريف بالأمراض، لا من باب التخويف بل من باب التثقيف الذي يساعد على الوصول إلى مجتمع واعي وواقعي في تصرفاته.
ثانياً، إنني أردد بأن الخوف الموجود في الدول العربية كثير ما يرسم انطباع عنا وكأننا نعيش في كوكب مختلف عن أولئك الموجودون في أوروبا مثلاً. فإذا كان هذا الخوف واقعي فلماذا تغلق المدارس في البلاد العربية، حينما تكون البلاد الأخرى والتي هي أكثر عرضة للمرض نتيجة لأجوائها الباردة لا تثير "زوبعة" في هكذا موضوع. إن هذا الأمر ملفت للانتباه حتى بالنسبة للناس غير المتخصصين. لقد سمعنا الكثير عن المسح الحراري في المطارات، تأجيل موعد الدراسة، وغيرها من سبل الحرص المبالغ فيها في بعض البلاد العربية، وهو ما يثير الدهشة حينما نقارنه يما يحدثُ في الدول الغربية والأوروبية منها بشكل مُحدد.
هذا لا يعني بأننا ضد الإجراءات المضادة للمرض، ولكن يجب أن تكون الإجراءات أكثر واقعية.
ولا أعتقد بأن العالم الغربي والذي صًدرَ هذا الخبر إلى البلاد العربية قبل، أن يعرفه الناس في بلادنا، لا يبالي بشعوبه.
ثالثاً، يجب أن أوضح بأننا هنا في بريطانيا مثلاً، لدينا أولاد تذهب للمدارس وفي مراحل مختلفة ولم يتحدث أحد لهم ولا إلى غيرهم عن تطعيم أو تأجيل للدراسة.
وسؤالي مرة ثانية هو: هل نعيش نحن في كوكب أخر؟
لماذا الناس هنا لا تتحدث عن التطعيم والجهات الرسمية لا تبالي كثيراً بخصوص هذا الموضوع؟
رابعاً، يجب على الجميع أن يعرف بأن ما تُسمى بأنفلونزا الخنازير الحالية لا تختلف كثيراً عن الأنفلونزا العادية. إن كلاهما يسبب نفس الأعراض ولهما نفس التأثير. بل أن كل من لديه مناعة طبيعية يستطيع أن يتغلب على المرض، وأن كل من هو في خطر من أنفلونزا الخنازير هو بالتالي في خطر من الأنفلونزا الموسمية، وأن الأشخاص الذين يتعرضون إلى الوفاة من الأنفلونزا الموسمية في أوروبا نسبياً هم أكثر مما هو مسجل حتى الآن من أنفلونزا الخنازير.
خامساً، كما أود أن أنوه إلى أن الأعداد المهولة التي تذكرها منظمة الصحة العالمية WHO حول إصابات أنفلونزا الخنازير ليست بالضبط دقيقة، حيث أن بعض الدول مثل بريطانيا تسجل أي حالة من حالات الأنفلونزا على أنها أنفلونزا خنازير، وذلك اعتمادا على مصادر كثيرة ومن ضمنها استفتاءات تقوم بها على الانترنت، فلا عجب إن كانت أغلب هذه الحالات مجرد أنفلونزا عادية. والذي ساعد في رفع هذا العدد هو بعض المستفيدين من هكذا موضوع من أجل الترويج لبعض شركات الأدوية.
سادساً، إن الناس الذين يتحدثون عن تخطي الحدود في موضوع التخويف يستندون إلى حقائق علمية وسوف أذكر بعض منها في الأسفل. ولكن سؤلي هو عن من يروج للخوف والذعر بين الناس: ما هي الحقائق التي يستند عليها؟ ... وهنا أكرر ما ذكرته في البداية بأننا ندعو لتثقيف الناس بالطريقة التي تساعدهم على فهم حقيقة هكذا أمراض والحدود التي قد تؤدي إليها، وليس إلى تخويفهم دون فهم حقيقة ما يجري. بل حتى أن الناس غير المتخصصين أصبحوا يتكلمون عن المرض وكأنه طاعون العصر والعياذ بالله. إن كل هذا كان أساسه بعض الأعلام الغربي والذي بدأ يصدر الخوف للإعلام العربي والذي قام هو بدوره، أي الإعلام العربي، بتخويف الناس. أن من الطرائف التي قرأتها قبل أشهر هي مطالبة أحد الإعلاميين (غير المتخصصين في الصحة) من وزير الصحة السعودي بالاستقالة لأنه لم يوفر "للشعب السعودي" التطعيم. فهل يدري هذا الإعلامي بأن اللقاح يحتاج إلى دراسة وفحص للتأكد من سلامته؟
بعض الحقائق الجدلية المتعلقة باعتراض بعض الباحثين على اللقاح كما تم إثارتها من قبلهم في بعض المعاقل العلمية:
ينبغي على كل شخص أن يعلم بأن التطعيم يحتوي على الزئبق كمادة حافظة. وهناك الكثير من الجدال حول وجود الزئبق، بسبب أنه (وبلا أدنى شك) أحد أكثر المواد سمية إذا ما تم وضعها في الجسم البشري، فهو معدن ثقيل ومعروف بتسببه لاضطرابات عصبية منها التوحد والخرف وحتى مرض الزاهايمر. كما أن الزئبق يتجمع في خلايا الجسم البشري ولا يمكن إزالته بسهوله، ولهذا فحتى الكميات الضئيلة منه قد تتجمع مع مرور الوقت لتصل إلى الحد الذي يهدد صحة الإنسان. ومن ناحية ثانية فأن التطعيم يحتوي أيضا على مادة السكوالين وهي مادة محفزة، وكان حولها الكثير من الجدل عندما كانت موجودة في تطعيم الجمرة الخبيثة الذي أعطي للجنود الأمريكان في حرب الخليج، حيث بدأت الجنود من الشكوى من أعراض سُميت بمتلازمة حرب الخليج. وهذه الإشارة هي فقط من أجل توضيح وجهة نظر المعارضين لوجود الزئبق والسكوالين في التطعيم، وليس من أجل تأييد أو مهاجمة التطعيم من قبلي أنا شخصياً.
ومن ناحية ثانية، فلقد تم رسمياً توثيق ما قامت به شركة باكستر Baxter، وهم من المصنعون لتطعيم أنفلونزا الخنازير، حينما تم الكشف عن وجود تلوث اللقاح الذي تم بيعه لأوروبا بأنفلونزا الطيور. حيث أن الشركة قد قامت بتصدير اللقاح إلى 18 دولة أوروبية، ولكن دولة التشيك قامت بفحص اللقاح ووجدت التلوث. أن هكذا لقاح كان كفيل بانتشار المرض وكذلك الموت لو انه أعطي للناس الأقل مناعة. وهو ما أثار حفيظة المعارضون للتطعيم (جميع ما يتعلق بهذا الموضوع أصبح موثق تاريخياً ولا يستطيع أحد الجدل فيه، كما قال المعارضون للقاح).
وهناك أيضا جدل أخر يدور حول وجود الخلايا السرطانية في بعض اللقاحات والتي تأخذ من القرد الأخضر الأفريقي و هو ما قد يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالسرطان، ولهذا فقد أثار هذا الموضوع التساؤلات حول ما إذا كان حقن الجسد البشري بمثل هذا الخلايا السرطانية قد يزيد من خطر إصابة البشر بالسرطان، وهو الجدل الذي أثاره الألماني البروفيسور د. ودارج المتخصص بأمراض الرئة. بالإضافة إلى المخاوف الجادة لدى العامة حول ما إذا كان هذا اللقاح الذي تم طرحه في السوق بسرعة كبيرة دون التجارب اللازمة ومقاييس السلامة اللازمة فعلا آمن وفعال أم لا. كما يؤكد الباحث د. بلايلوك بأن لقاح أنفلونزا الخنازير لشركة باكستر Baxter، الذي يسمى بسليفان Celvapan، يحتوي على خلايا من القردة الأفريقية الخضراء والذي تم تورطها من قبل بنقل العديد من اللقاحات الملوثة بفيروسات أخرى مثل الفيروس المسبب للايدز HIV. ويضيف البروفيسور ودارج بقوله "إنها تجارة كبيرة للصناعة الدوائية، فأنفلونزا الخنازير لا تختلف كثيراً عن الأنفلونزا العادية، على العكس تماما، إذا نظرت إلى عدد الحالات فإنها لا تعد شيء مقارنة بالأنفلونزا الموسمية، ولا تسبب إلا العوارض العادية للأنفلونزا ولا تستلزم إلا بضعة أيام من الراحة"، وهذا كله على لسان بروفيسور ودارج.
قد يكون ما تم ذكره في الأعلى بالإضافة لضعف الفيروس هو ما دفع الكثير في العالم الغربي للإعراض عن أخذ اللقاح. فوفقاً لبحث تم إصداره في المجلة الطبية البريطانية من 25 أغسطس، فإن أكثر من 50% من الأطباء والممرضات في المستشفيات العامة سيرفضون لقاح H1N1 بسبب قلقهم من أعراضه الجانبية وشكوكهم حيال فعاليته. وهناك استطلاع أخر أجرته قناة فوكس للأخبار يؤكد بأن أغلب الأمريكيين اليوم موقنون من أن اللقاح يُعدُّ أكثر خطورة من فيروس أنفلونزا الخنازير نفسه! ... وكثيراً ما يكرر هؤلاء المعارضون إلى أن اللقاح حتى الآن لم يتم دراسته بشكل كامل مقارنةً باللقاح الموسمي.
أكرر بأن ما تم ذكره في الأعلى هو فقط من أجل التوضيح فقط وليس دفاعاً أو هجوماً على اللقاح!
أن جهاز الدفاع في أجسادنا يسمى جهاز المناعة، وعندما يكون جهاز المناعة قويا وفي كامل نشاطه وفعاليته فإنه يبقينا بصحة جيدة ويتخلص من أي هجوم غريب أو دخيل على الجسم، فالجسم عبارة عن كائن يحتوي على توازن كهروكيميائي نسميه الصحة، ولكن عندما تخل هذا التوازن بإضافة المواد الكيميائية والمصادر الكهرومغناطيسية فأنت عندها تؤثر على فعاليته فلا يعود يعمل عقليا أو عاطفيا أو جسديا بطريقة سليمة. وإذا نظرت إلى هذا الكم من الكيميائيات خاصة على الأطفال في الطعام والشراب،مثل المشروبات الغازية، والهواتف النقالة وكل تلك الأمور ذات التأثير الكهرومغناطيسي فإنك ترى المدى الذي وصل إليه الهجوم على ذلك التوازن الصحي.
في عام 1976، كان هناك نفس "البلبلة" حول فيروس أنفلونزا الخنازير، وتم ظهور نفس الإعلانات المخيفة للبشر. وهذا بالضبط ما يحدث اليوم، وهو أساس كل ما يدور حولنا الآن من تلاعب بعقلية الإنسان، والتحكم بإدراكه من قبل بعض شركات الأدوية والتي تحقق عوائد مادية لا مثيل لها من خلال بيع تلك العقاقير التي ترفض أن تتحمل أي مسؤولية عليها، بل وتشترط على البلاد المشترية أن توقع تعهدات بأن لا تطالبها بأي تعويضات في حال حصول أي مضاعفات وهو ما لم تكن هذه الشركات أن تفعله من قبل!!!
هناك من يشير إلى ما حصل في عام 1918 من وفيات نتيجة لأنفلونزا الخنازير، وينسى الجميع أن هناك عوامل ساعدت على حدوث تلك الوفيات والذي لا يسعى الوقت لذكرها بالتفصيل.
ويجب الإشارة هنا إلى أن إدراكنا هو ما يقود إلى تصرفاتنا وأفعالنا وإذا أردت التحكم بأفعال أحد ما، فعليك التحكم بإدراكه. والإدراك الذي تم وضع الناس فيه هو المزيد من الخطر. فمتى ما شعر الإنسان بالخوف فإنه سيبحث في خارج نفسه عن ما يحميه. وأعتقد، وقد أكون مخطئ، بأن سياسة بعض الشركات يصب بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا المجال.
أن ما حصل في عام 1976م قد يكون متشابه لحد كبير بما يحدث في هذه الأيام. حيث أن كل من يدخل على جوجل Google ويبحث عن ما حصل في عام 1976 بخصوص أنفلونزا الخنازير سيشاهد مقاطع مشابهة لما يحدث في هذه الأيام، وبالخصوص مقاطع دعايات الفيديو التي نشرت آنذاك من أجل التطعيم.
بعض التعليمات البسيطة والتي بإمكانها أن تساعدك كثيرا في الوقاية من جميع الأمراض المعدية ومكافحة جميع أنواع فيروسات الأنفلونزا (والتي تعتمد على تقوية جهاز المناعة): -
- خذ كفايتك من فيتامين د وبصورة طبيعية، وكما نعلم فإن أهم وأكبر مصدر لتنشيط فيتامين د هي الشمس. إن التعرض لأشعة الشمس واستنشاق الهواء الطبيعي والاقتراب من الطبيعة عموما كفيل بتحفيز خلايا جسدك لمحاربة الأمراض.
- خذ كفايتك من فيتامين سين، وهو يتركز في الفواكه الحمضية كالبرتقال والفراولة.
- تجنب السكر والأطعمة المعلبة، فالسكر يضعف من وظائف جهازك المناعي بسرعة كبيرة.
- خذ قسطا كافيا من الراحة والاسترخاء، فإذا كان جسدك مرهقا سيكون من الصعب عليه مكافحة الأنفلونزا.
- مارس الحركة وبعض التمارين الخفيفة، فعندما تتحرك تزيد من الحركة الدموية وتدفق الدم في كامل جسدك مما يعطي الجهاز المناعي فرصة أكثر لإيجاد المرض ومحاربته قبل أن ينتشر.
- أغسل يديك عند دخولك للبيت، (وخصوصا بعد العطس أو عند ملامسة أي شي قد يكون ملوث) فغسل اليدين يقلل من احتمالية نقل الفيروس إلى الأنف والفم.
- تجنب الازدحام في مواسم انتقال الأمراض، (وهذا ليس بالضرورة أن يكون فقط مرتبط بأنفلونزا الخنازير) فالأماكن المزدحمة تزيد من احتمالية انتقال الجراثيم.
- تجنب المستشفيات، وحاول عدم الذهاب للمستشفيات إلا في حالة الطوارئ والضرورة، خاصة وأن المستشفيات غالبا ما تكون أرض خصبة لتكاثر الالتهابات بجميع أنواعها.
- مارس الغرغرة بالماء والملح بشكل يومي، حيث أن ذلك يقتل الفيروسات في حال وجودها وفي فترة حضانتها.
وأريد أن أُكد مرة أخرى أن ما تم ذكره في الأعلى ليس دفاعاً أو هجوماً على التطعيم، ولكنه دعوة للواقعية وفهم بعض الحقائق المتعلقة بالمرض واللقاح المخصص له.
وفي الأخير، أدعو للجميع بالصحة والعافية ،،،
0 comments:
Post a Comment