هذا الموضوع هو استكمال للموضوع السابق، والذي كان عنوانه: "حشرات خطرة تعيش في مياه الأمطار المتجمعة"، والتي كانت تسلط الضوء على انتشار البعوض والحشرات بسبب المياه الراكدة (والتي فيها تنمو وتنضج ومن ثم تتكاثر، كما تم الإشارة لها سابقًا)، ولكنه يناقش القضية من بعدها التطبيقي على أرض الواقع من قبل الأفراد للوقاية من الإصابة بأي مرض ميكروبي تنقله الحشرات والبعوض.
من جانب أول، أقول بان الإجراء الوقائي المبدئي لمنع تكاثر تلك الحشرات والبعوض (وفي اقلها على مستوى الأفراد وفي محيط تواجد سكن كل فرد، خصوصًا وأن المعنيين بالأمر- كما يبدو- غير ملتفتين لحجم الضرر البيئي بسبب ذلك!)، تتطلب- في بداية الأمر- التخلص من المياه الراكدة وخاصة تلك التي تتجمع بعد هطول الأمطار، حيث أن هذا الإجراء كفيل بتقليل أعداد البعوض حول محيط المنزل والحديقة. وللقضاء على المياه الراكدة، فإنه ينصح بفتح المصارف التي توجد على أسطح المنازل، حتى تتحرك المياه ولا تبقى راكدة. وإذا كانت حديقة المنزل تحتوي على أوعية فارغة وغير مستخدمة مثل حوامل الأشجار وسلال الورود والزهور، فإنه لابد من تفريغها من الماء المتجمع فيها بشكل منتظم، ويفضل تخزينها بشكل معكوس (أي رأساً على عقب)، بحيث لا يمكن للماء أن يتجمع فيها.
بل أن رش المبيدات الحشرية في الأحياء السكنية يدور حوله الكثير من الجدل العلمي في أوساط المتخصصين والباحثين حول تحديد مكونات تلك المبيدات بطريقة مدروسة (وما الذي يسمح به من مواد مضافة فيها، بل ونسبة تركيزها غير الضار للجنس البشري)، وعليه هل لها تأثير على الجنس البشري أم لا؟. وبعد هذا، يتم نقاش مدى مفعولها في قتل الحشرات.
ثانيًا، هناك من يقوم بإجراءات صحية خاصة (كما هو الحال في الدول الغربية)، وذلك باستخدام منتجات مخصصة لطرد الحشرات والبعوض عن جسم الأنسان (وهي عبارة عن دهانات توضع على البشرة) وتسمى باللغة الإنجليزية (insects replant)، حيث توضع هذه المنتجات على البشرة والملابس في حال كانت كميات الحشرات والبعوض كثيرة ولا يمكن السيطرة عليها، أو في حال التواجد بالقرب من- أو العمل في- المزارع والنخيل. وتعتبر هذه المنتجات آمنة عند استخدامها للأطفال (الذين أعمارهم أكبر من شهرين) والكبار على حد سواء. ويجب التأكد من استخدامها بالشكل الصحيح والمنصوص عليه (أي أن لا تصل للعين أو الفم أو أي نسيج داخلي، وأن لا يتم استنشاقها). ويُفضل عدم رش تلك المنتجات مباشرة على الوجه، بل أن يتم وضعها على اليد أولًا ومن ثم يتم مسح الوجه وبقية الأجزاء الحساسة. ويجدر بنا- ايضًا- أن نقول: بأن هذه المنتجات لا تقتل الحشرات والبعوض، ولكنها تمنعها من الوصول للبشرة وقيامها بالقرص أو اللدغ أو اللسع أو العض، وهذا سيعني بقاء ورؤية تلك الحشرات المؤدية (بل والممرضة) تحوم في نفس المكان، ولكن دون وصولها للبشرة. ويفضل البحث عن المنتجات التي تحتوي على مادة "الديت"، لأنها فعالة أكثر من غيرها، حيث يستمر مفعولها لساعات (تقريبًا من ربع الى نصف يوم على حد أقصى، تقريبًا). وحتى يستمر مفعول تلك المنتجات على الجلد بشكل مستمر، فإنه يُفضل إعادة وضعها كل ست ساعات في حال كانت المنطقة مليئة بالحشرات والبعوض ولم يكن هناك حل آخر للتخلص منها (كوجود مستنقعات كبيرة وراكدة قد تركتها الجهات المعنية بدون معالجة!). وتوجد من هذه المنتجات ما هو على شكل معاصم، تلبس في اليد مثل الساعة (أو أي صيغة أخرى مشابهة). وبعض هذه الشركات تستخدم أفكار متطورة تشمل بعض المشابك الصغيرة التي يتم توصيلها بالكهرباء، حيث تقوم هذه المشابك الكهربائية ببث ذبذبات منفرة للحشرات، مما يساعد على منع دخولها للمنزل. وهناك الكثير من الأفكار التي لا يسع المجال لتغطيتها جميعًا.
ومن جانب آخر (وأعده ثالثًا)، فإن ارتداء الملابس التي تُغطي الجسم بشكل شبه كامل امر منصوح به ايضًا (وهذا يتناسب وحد كبير مع فترة الشتاء الحالية)، خصوصًا في الأماكن التي تكثر فيها البعوض. ومن أمثلة ذلك: ارتداء القمصان ذات الأكمام الطويلة، والجوارب، وتغطية الأرجل بشكل كامل. إضافة لهذا، فإنه يجب عدم الغفلة عن تغطية الرأس والرقبة (لانهما عرضة لقرص البعوض والحشرات)، بل وحتى تغطية الوجه (إذا استدعى الأمر) وذلك عن طريق استخدام الناموسية (قبعة بها شبك) خصوصًا حينما تكون أعداد البعوض كثيرة ولا يمكن السيطرة عليها (ولا أعتقد بأننا قد وصلنا لهذه المرحلة!). فإذا لم يكن استخدامها للكبار، فإنه ينصح بوضعها على الأطفال الرضع (والذين لا حول لهم ولا قوة)، حيث أن هذا الأمر يوضع في اعلى سلم النصائح الوقائية. إضافة لهذا، فإنه ينصح بتغطية مقعد أو عربة الطفل الرضيع- الذي يجلس عليها بشكل دائم- بالناموسية من اجل وقايته من تلك الحشرات الطائرة، خصوصًا في حال الجلوس معه في الخارج وخصوصًا في مثل هذه الأيام. وبشكل عام، ينصح بارتداء الملابس ذوات الألوان الفاتحة، لأن البعوض ينجذب إلى الألوان الداكنة.
أما على مستوى حماية البيت (وهي النقطة الإجرائية الوقائية الرابعة)، فإنه ينصح بإصلاح الثقوب في مناخل النوافذ (والتي قد تكون قد تأثرت بفعل حرارة الصيف). وفي حال تم فتح النوافذ، فإنه ينصح بعدم فتح المناخل حتى لا يتم السماح للبعوض والحشرات (وبالخصوص الصغيرة جدًا منها) من الوصول لداخل البيت.
ويجب علينا في الأخير التأكيد على أن هذه الاجراءات الفردية، لا تعفي المعنيين بطبيعة المشكلة (وهم يرون تلك الكائنات المجهرية- الممرضة- تسرح وتمرح في الأحياء السكنية) من معالجة جذورها الحقيقية عن طريق اعادة النظر في شبكات التصريف الصحي، وعدم الاكتفاء برش الأحياء السكنية بمبيدات حشرية عليها الكثير من التساؤلات.
ويجدر بنا أن نقول، إن مناظر رش المبيدات (عن طريق السيارات) والتي تحوم في الأحياء السكنية في الصباح الباكر- في بعض المناطق، وبينما الناس نائمون- أمر لا تقبله الكثير من الدول وبالخصوص المتقدمة منها، ولكنه يمارس لدينا وبدم بارد.
0 comments:
Post a Comment