حديث صحفي لليوم مع الباحث والإستشاري في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية
في حديث صحفي لليوم مع الباحث والإستشاري في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية، الدكتور/ محمد محروس آل محروس، عن صحة ما تردد أخيرًا، عن نقل الجمال ذوات السنام الواحد، والموجودة في دول الخليج وبالخصوص بالمملكة العربية السعودية، لفيروس الكورونا الشرق أوسطي (MERS)، علَّق قائلًا: "أنه وبعد الإحصاءات الموثقة لهذه السلالة الشرق أوسطية من فيروس كورونا، والتي تبين بأن عدد الإصابات قد وصلت فيها إلى ما يقارب 182 حالة، تُوفي منهم 79، إنهالت الفرق البحثية- من كل حدب وصوب- تحقق في مصدر إنتقال هذه السلالة الفيروسية إلى الجنس البشري، مسلطةً الضوء على حيوانات معينة، وبالخصوص الجمال والخفافيش".
ويواصل حديثه قائلًا: "بأن البيانات الموثقة لدى المنظمات الصحية المعتمدة في هذا المجال، تبيَّن بأن معظم الحالات المسجلة لم تتصل بالجمال، ولا حتى بالخفافيش، لا من قريب ولا من بعيد".
وبيًّن الدكتور آل محروس: بأن أول الدراسات التي بدأت العدو في هذا المضمار هي الدراسة الهولندية، التي تم نشر نتائجها في دورية الـ "لانست" للأمراض المعدية، والتي فيها غطى الفريق البحثي دول، شملت: عمَّان وتشيلي واسبانيا وهولندا، حيث شملت مجموعة مختلفة من المواشي تستخدم في المنطقة من أجل الحصول على لحومها وحليبها، بل ويستخدم بعضها أيضًا في النقل والسباقات، ومن أمثلتها الماعز والأغنام والأبقار والإبل، حيث جُمع في الدراسة 349 عينة دم. ولقد كشفت نتائج هذه الدراسة، كما يقول الدكتور آل محروس، عن وجود أجسام مضادة لفيروس كورونا الشرق أوسطي يفرزها الجهاز المناعي في 50 عينة أُخذت في الدراسة، وعلى وجه الخصوص، من الجمال ذوات السنام الواحد، بينما لم تكشف بقية النتائج البحثية عن وجود أي من تلك الأجسام المضادة في بقية الحيوانات المشمولة في نفس الدراسة؛ مما أُعتِبر دليلًا على إحتمالية إصابة الجمل ذو السنام الواحد بالفيروس، وإحتمالية أن يكون الجمل سببًا في نقل فيروس الكورونا الشرق أوسطي للأنسان.
ثم تحدث الدكتور آل محروس عن الدراسة الأخيرة والتي شارك فيها مجموعة من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال، والتي تم نشرها في "ام بايو" الطبية، والتي تفيد، كما يلخص ذلك الدكتور آل محروس، بأن 74% من فصيلة الجمل ذو السنام الواحد الذي يعيش في السعودية حاملة لفيروس كورونا الشرق أوسطي؛ حيث أعتمدت هذه الدراسة في بياناتها على تقنيات تكشف عن وجود المواد الجينية، المشابهة في تسلسلها لفيروس الكورونا الشرق أوسطي، في الجمل ذو السنام الواحد. ويواصل الحديث، بقوله: أن بعض الباحثين الغربين يعتقدوا، وبالإعتماد على النتائج البحثية المأخوذة من نفس الدراسة، بأن فيروس الكورونا الشرق أوسطي موجود منذ أكثر من 20 عام في الجمل ذو السنام الواحد؛ وعليه، وفي نفس الإطار، فقد أقترح الدكتور "وليان شافنر"، البروفيسور في الطب الوقائي من جامعة "فيندربيلت"، العمل على إنتاج لقاح للجمل ذو السنام الواحد.
ويعزز الدكتور آل محروس حديثه، بالقول: بأن باحثون آخرون قد أضافوا أيضاً بأن الفيروس يتركز في صغار الإبل، وبالخصوص في منطقة الأنف، ودون أن يظهر عليها المرض أو أي أعراض؛ ولقد ذهب إلى هذا التحليل محقق الأوبئة ومدير مركز الإلتهابات والمناعة في جامعة "كولومبيا" الأمريكية، الدكتور "إيان ليبكن".
وأوضح الدكتور آل محروس بأن هؤلاء الباحثون قد إعتمدوا في تحاليلهم لتاريخ هذه السلالة على دراسات متعددة، ومن ضمنها تلك التي أجريت في الأمارات العربية المتحدة، والتي أفادت بأن بعض من عينات دم الجمال ذات السنام الواحد المخزنة في مختبراتها كانت إيجابية للمضادات المناعية الموجهة ضد فيروس كورونا الشرق أوسطي؛ مستشهدين بذلك كدليل على أن هذه السلالة الفيروسية كانت تسرح وتمرح بين تلك الفصيلة من الجمال، منذ زمن بعيد.
وعند سؤاله عن الخفافيش، علَّق الدكتور آل محروس، قائلًا: بأن فريق بحثي من جامعة "كولومبيا"، وبالإشتراك مع مختبرات "إيكو لاب" الصحية الأميركية وبالتعاون مع وزارة الصحة، قد أستهدفوا في بدايات العام الماضي الخفاش، كناقل مشتبه به لهذه السلالة من الكورونا؛ فلقد بينوا في دراستهم بأنهم قد عزلوا هذه السلالة من إحدى عينات الخفافيش التي تعيش في السعودية، معتمدين في ذلك على فحوص كشفية لجينات هذه السلالة الفيروسية، حيث غطوا في الدراسة 96 خفاشًا حيًا ينتمون إلى سبع فصائل مختلفة؛ ليس هذا وحسب، بل وجمعوا في نفس الدراسة 732 عينة من مخلفات خفافيش من مناطق مختلفة في السعودية بها حالات مؤكدة؛ وفي نهاية المطاف، أظهرت النتائج أن عينة واحدة فقط من خفاش حي لفصيلة آكلة للحشرات كانت تحمل أحد فيروسات الكورونا، وبينت الدراسة بأن جينات الفيروس كانت مطابقة في تركيبتها، وبنسبة 100%، لفيروس كورونا الشرق أوسطي؛ وكما أظهرت الدراسة أيضا وجود فيروسات متعددة أخرى من فصيلة كورونا في 28% من العينات التي تم فحصها، إلا أنها كانت مختلفة في تركيبتها الجينية عن فيروس كورونا الشرق أوسطي.
ويبيِّن الدكتور آل محروس، بأن الدراسة التي أستهدفت الخفافيش، الموجودة في مناطق بها حالات مؤكدة (على الرغم من كل الضجيج الذي حصل حول الخفافيش)، لم تستطيع أن تثبت، وبشكل قطعي، أن الخفافيش هي مصدر ناقل للفيروس.
ومن ثم يعلق، بقوله: بأن إحتمالات أن يكون فيروس كورونا الشرق أوسطي قد إنحدر من أحد الحيوانات الموجودة في المنطقة، ومن ثم إنتقل وتكيف في الإنسان تحت ظروف غامضة، تضل إحتمالات قائمة، ما لم يتم إثبات عكس ذلك.
ويواصل حديثه، قائلًا: بأنه لا توجد دراسة بحثية، حتى الآن، تبين المصدر الحقيقي الناقل لهذه السلالة الفيروسية، فوجود السلالة في حيوانات معينة، والتي من ضمنها الجمال، لا يُثبت بأنها الناقل الوحيد لها، ولا حتى إذا ما كانت هي المتسبب الرئيس في وصوله للإنسان!
وينهي الدكتور آل محروس حديثه بالقول: بأن حصر الجمل ذو السنام الواحد كأحد المصادر التي يُحتمل أنها ناقلة للفيروس في المنطقة، خصوصًا بعد تبين أن 74% منها مصابة بالفيروس كما تُشير له الدرسة أعلاه، يثير سؤالًا بحثيًا منطقيًا، وهو: هل هناك مصادر أخرى قد تكون ناقلة للفيروس غير الجمل ذو السنام الواحد؟، أم أن الإجابة هي لا؟
وفي واقع الأمر، فإنه لم يتم تقديم إجابات منطقية على تلك الأسئلة، حتى الآن؛ بل أن هذه الاستفهامات الجدلية في المجال البحثي، قد تم إثارتها من قبل الدكتورة "ماريون كوبمانس"، المتخصصة في علوم الفيروسات في جامعة "إيراسموس"، حينما أوضحت بأن ثلثي المصابين بهذه السلالة الفيروسية في شبه الجزيرة العربية لم يكن لهم إتصال مباشر بالجمل ذو السنام الواحد، مؤكدةً على أنها منطقة علمية ذات زوايا متعددة وتحتاج للكثير من البحث والتحليل.
وفي سؤال آخر متعلق بالمنشئ المحتمل لهذه السلالة الفيروسية إعتمادًا على المعطيات الحالية، حتى وإن لم تكن مؤكدة؟
يقول الدكتور آل محروس: بأن فيروس الكورونا الشرق أوسطي قد يكون نتج من طفرة جينية، مما جعلها قادرة على أن تظهر بشراسة عالية، وجعلها بعد ذلك تمتد إلى الحد الذي أصبحت فيه قادرة على أن تسبب إلتهاب رئوي حاد، بل وجعلها أيضاً تمتد في أعراضها الى الحد الذي أصبحت فيه قادرة على أن تُصيب الكلى (وهي الخاصية التي تمتاز بها هذه السلالة عن غيرها من سلالات الكورونا، عندما تتمكن من جسم الإنسان).
وفي كلمته الأخيرة، طمئن الدكتور آل محروس القراء، بالقول: بأن الشيء المطمئن هو أن هذه السلالة الفيروسية وبهيئتها الحالية، غير قادرة على الإنتقال من الإنسان للإنسان بسهولة، حيث أن البحوث العلمية الموثقة توضح صعوبة هذا الأمر، ولقد تم الإشارة لهذا الأمر في أكثر من دراسة بحثية، أفادت جميعها بأن الفيروس، في عملية إنتقاله، يحتاج لمخالطة قريبة جدًا (يتم تعريفها في علوم طب الوبائيات: على أنها مكان مغلق وصغير وعديم التهوية، ويتم المكوث فيه لساعات طويلة مع الشخص المصاب).
أخبار ذات صلة: -
0 comments:
Post a Comment