Friday, 1 August 2014
August 01, 2014

الأورام السرطانية: التنشؤات الخفية - (الجزء 14) الأعراض 2/3



إستكمالًا لمعلومات القسم الأول من موضوع "الأعراض"، نبدأ في قسمه الثاني- هذا- بالقول: "إن القاعدة العامة التي نستطيع الاعتماد عليها في تفكيك رموز الأعراض التي تظهر عند نشوء الورم السرطاني تكون في العادة متعلقة- من جانب- بطبيعة التصور المرسوم في فهم ميكانيكية التحور الخلوي الحادث في النسيج (على مستوى اللون والشكل والحجم والترتيب!) بعد تغير معالمه الوراثية، وكذلك في فهم طريقة نمو الورم السرطاني في ذلك النسيج، والتغير المبني على الشدود والإنحراف في معيار الممارسة الوظيفية الطبيعية الناتجة عنه؛ بل وفي التأثير المصاحب للتداخل الناتج من النسيج المصاب مع أنسجة أخرى (أما عن طريق المجاورة الفعلية في الموقع، أو عن طريق الاتصال بالوسائط الكيميائية البيولوجية عبر سوائل الجسم، حيث تشمل الوسائط الكيميائية الإنزيمات والهرمونات والإفرازات المختلفة في جسم الأنسان)".

ولتوضيح ذلك الأمر، وعلى سبيل المثال، نقول: بأن وجود "الورم السرطاني في بعض أنسجة المخ" قد يصاحبه أعراض موضعية مثل: (أ) ألآم في الرأس شبه دائمة أو ألآم موضعية- تُشابه ألآم الرضوض- في أحد مناطق الرأس، (ب) الإحساس بوجود دوار وعدم إتزان، (ج) القيء، (د) صعوبة النظر للإضاءات القوية، (هـ) ضبابية في الرؤية، (و) ثقل بالرأس، أو (ز) كل علامة عصبية اخرى ممكن أن ترتبط وظيفيًا وتدل على وجود خلل نسيجي في المخ.

وقد يصل التأثير عند نشؤ "الورم السرطاني في بعض أنسجة المخ" إلى ما هو أبعد من ذلك (خصوصًا عند تقدم المرض في حدته)، كعدم القدرة على تحريك بعض الأطراف التي تأتي عصبيًا تحت نطاق سيطرة المنطقة المتأثرة بفعل الورم السرطاني (والتي تكون مشابهة في تأثيرها لأي سبب آخر قادر على الفتك ببعض أنسجة الدماغ كالجلطات الدماغية وما شابه من أسباب).

وهناك غيرها من أعراض تأتي تحت عنوان العلاقة الوظيفية سواء بفعل تأثير الكيمياء مع أنسجة أخرى، أو بفعل تأثير الأنسجة العصبية الممتدة مع الأنظمة الأخرى في الجسم!

عند حدوث الورم السرطاني في المخ، فإن هذا سيعني بأن الأعضاء الحسية والمناطق العضلية التي تتحكم فيها المنطقة المصابة ستتأثر عند نمو الورم وتفاقم حدة المرض.
أما المثال التوضيحي الثاني فيما يتعلق بالأعراض الموضعية فهو نشوء "الورم السرطاني في بعض أنسجة الثدي" (عند النساء على وجه الخصوص)، والذي قد يُلاحظ فيه وجود أعراض وعلامات مرتبطة بذلك النسيج بشكل خاص، مثل: (أ) نشؤ أنسجة متكتلة أو مجموعة من التكتلات تكون في حجم حبات الفاصولية تمتاز بالتحجر وتستطيع المرأة الإحساس بها عند اللمس، وقد لا تُرى بالعين المجردة، أو (ب) وجود إفرازات غير إعتيادية من حلمة الثدي (أيًا كانت طبيعتها)، أو (ج) وجود ألم غير طبيعي في الثدي بشكل عام، أو في الحلمة بشكل خاص وغير ناتج عن وجود حمل أو إرضاع أو دورة شهرية (حيض)؛ أو (د) وجود حكة غير طبيعية في الثدي أو بعض مناطقه، أو (هـ) وجود أي تغيرات في لون أحد مناطق الثدي كوجود إحمرار، أو أي تغيرات عامة في شكله أو حجمه.

أهم الأعراض والعلامات التي تظهر في الثدي عند النساء، والتي تُعد مؤشرات لحدوث ما قد يشتبه فيه على أنه خلل أو تحور نسيجي يجب تشخيصه والوقوف على أسبابه، والذي يُحتمل أن يكون ورم سرطاني بشقيه (الخبيث أو الحميد!)؛ وكما توضح الصورة بالأرقام الموجودة عليها، نذكرها تتابعيًا مبتدئين من الرقم "1" في أعلى الصورة على الجهة اليسار وصولًا للرقم "5" في أقصى يمين الصورة؛ وتعريفاتها على النحو التالي: (1) وجود حويصلة أو خشونة بحجم حبة الفاصوليا في الثدي أو بالقرب من من منطقة الإبط، (2) تغير في شكل الحلمة كإنحرافها أو بروزها الشديد أو تعرجها، (3) تغير في المعالم الخلقية لجلد الثدي أو الحلمة كاللون أو وجود إحمرار، (4) تغير في شكل أو حجم الثدي عما هو مُعتاد، (5) وجود إفرازات من الحلمة بشكل تلقائي وبدون ممارسة أي ضغط عليها.

ومن خلال ما تقدم من مثالين تمهيدين مهمين متعلقين بالأعراض الموضعية (وهو المحور الثاني من محاور الأعراض الثلاث التي وضعناها في القسم الأول)، نستطيع أن نتوسع ونعمم بقولنا بأن القاعدة العامة- التي يصح لنا أن نعتمد عليها بشكل عام- عند نشؤ أي ورم سرطاني موضعي في نسيج محدد من أنسجة الجسم هو وجود أعراض ترتبط بشكل مباشر بذلك الموضع، أو وجود ما يدل على الخلل الوظيفي في ذلك المكان ويكاد يكون مستمر في ظهوره وغامض في طبيعة أسبابه الأولية.

وعليه نقول بشكل عام، وبعد فهمنا للنقاط المذكورة أعلاه، التالي: -
  • بأن من الأعراض التي تُصاحب "سرطان الكلى" (أو أي جزء منها): (أ) ظهور دم بالبول، (ب) الإحساس بوجود ألم أو حرقان عند التبول. 
  • ومن الأعراض التي تصاحب "سرطان الرحم وعنق الرحم": (أ) ظهور نزيف بين الدورة الشهرية والأخرى، (ب) ألآم شديدة خلال الدورة الشهرية، (ج) افرازات غير عادية من الفرج. 
  • ومن الأعراض التي تصاحب "سرطان الأمعاء": (أ) ظهور نزيف شرجي أو علامات دم بالبراز، تتم ملاحظتها من خلال تغير لون البراز وميله إلى اللون الداكن أو المسود، (ب) تغير في عملية الإخراج، مثل وجود الإسهال او الإمساك. وعليه، فإن هذه الأعراض قد تكون علامات ومؤشرات أولية فقط "لإحتمالية!" وجود ورم سرطاني بالأمعاء! 
  • ومن أعراض "سرطان المعدة": (أ) تقيؤ مخلوط بدم، (ب) صعوبة بالهضم، (ج) ألآم تصاحب الشخص بعد تناول الطعام، (د) خسارة بالوزن نظرًا لعدم المقدرة على الإستفادة من الطعام المأكول. 
  • ومن أعراض "سرطان الرئتين": (أ) سعال متواصل قد لا يزول وإن تقطع حدوثه، (ب) سعال مع دم، (3) ألام بالصدر. 
  • ومن أعراض سرطان الجلد: (أ) تغير بالشامات الجلدية الموجودة، على مستوى الحجم أو اللون أو الشكل العام، (ب) ظهور شامة جديدة أو كتلة تحت الجلد، (ج) إصابة قرحيه قد لا تزول. 
  • ومن أعراض "سرطان الدم" والذي يُسمى بالـ (لوكيميا): (أ) الإحساس بتعب مزمن نظرًا لعدم كفاءة خلايا الدم على القيام بدورها المنوطة به بشكل مُتكامل، (ب) وجود شحوب، (ج) خسارة بالوزن، (د) الشكوى من إلتهابات متكررة خصوص عندما تكون الخلايا المتأثرة في الدم هي إحدى أنواع الخلايا البيضاء المناعية، (هـ) حدوث نزيف متكرر من الأنف، (و) وجود ألآم عظام أو ألآم مفاصل شبه مستمرة، (ز) بروز علامات لكدمات بسيطة في الجلد. 
  • ومن أعراض "سرطان الغدد الليمفاوية": (أ) تضخم أو تصلب بالغدد الليمفاوية (ب) حكة بالجلد، (ج) تعرق ليلي، (د) خسارة بالوزن، (و) حرارة غير معروفة المصدر. وهو ما أشرنا له (حينما ذكرنا الغدد اللمفاوية) في بداية حديثنا- في القسم السابق- تحت عنوان "الأعراض التي تدل على وجود انتشار مرضي"، وهي الفقرة الثالثة من فقرات التقسيمات الثلاث للأعراض المصاحبة للأورام السرطانية (في القسم الأول). 
وأُذكر بأن الأعراض المصاحبة للمواضع المذكورة أعلاه هي أعراض رئيسة، بل هي أهم الأعراض، ألا أنه قد يكون هناك تفاوت فيما بينها أو في ظهور أعراض أخرى نادرة جدًا غير التي ذكرناها.

ويجب لفت الإنتباه إلى أن هناك بعض الأورام التي قد لا يصاحبها أي أعراض أولية تُذكر، ومن أمثلتها: - 
"سرطان البنكرياس"؛ حيث "قد" لا تظهر (كما هي العادة) الشكوى العرضية في هذا النوع من الأورام السرطانية إلا في مرحلة متقدمة من مراحل الإصابة بالورم، وعندها "قد" يحدث: (أ) يرقان، أو (ب) ألم في منطقة البطن او الظهر. 

لقد سعى العلماء لتفكيك الكثير من الرموز المتعلقة بالتداخلات التي قد تنشئ عند حدوث الأورام السرطانية؛ بل وأن من أهم ما توصلوا إليه هو أن فهم طريقة عمل الخلايا- بشكل عام- المكونة للأنسجة والأنظمة الداخلية للكائن الحي يُعد تمهيدًا لفهم طبيعة الأعراض التي قد تظهر عند حدوث الورم السرطاني.

وعليه، نختصر ونقول: "بأن الذي يحدد طبيعية الأعراض المبدئية (والذي منه ننطلق) هو موضع حدوث الورم السرطاني في الجسم البشري". 
  • فقد تصاحب الأعراض الموضعية أعراض عامة (وهي أعراض المحور الأول من القسم السابق) تكون تمهيدية أولية، أو تكون متأخرة على الأعراض الموضعية وفي مراحل متقدمة من المرض. 
  • وقد تصاحب الأعراض الموضعية أعراض أوسع مما ذكر تدل على إنتشار المرض (أي أعراض المحور الثالث)، وهي التي عادة ما تكون في مراحل متقدمة من المرض، كما جاء سابقًا.
انتظرني- عزيزي القارئ- في القسم الثالث والأخير من هذا الموضوع (والذي أسميناه بالأعراض)، والذي سنستكمل فيه ما بدأنا به من معلومات، ولنناقش فيه زاويةً أخرى من زوايا هذا التحقيق، "الأورام السرطانية: التنشؤات الخفية"، مستثمرين بعض الأدوات البحثية التحليلية والتي بها سنرسم صورة توضيحية لِما نحن بصدده من شروح تصب في هذه الدائرة الحساسة من علوم الأمراض.

وحتى نلتقي في القريب العاجل (بإذنه تعالى)، دعائي للمرضى بالشفاء العاجل وللأصحاء بدوام الصحة والعافية...

0 comments:

Post a Comment