في هذا الجزء من سلسلة الأجزاء التتابعية من موضوع هذا التحقيق سنناقش عنوان ذو أهمية كبيرة؛ وهو العنوان الذي يتضمن التساؤول عن: "الأعراض المحتمل حدوثها عند الإصابة بالأروام السرطانية، والمؤشرات التي تقود إلى التعرف على وجود الخلل الوظيفي (إن وجد) في نسيج محدد أو أنسجة متعددة".
وليتسنى بعدها- للشخص غير المتخصص- أن يطلب المساعدة الطبية التشخيصية التي تستهدف الكشف عن وجود ذلك التحور النسيجي من عدمه.
وعليه، فإننا سننهي نقاشنا هذا- بطبيعة الحال- بالتلميح للفحوص المتوقع إجرائها بصورة مبدئية لتحديد أسباب تلك الأعراض ومدى ارتباطها بوجود أي نمو غير طبيعي.
نستطيع أن نقول في بداية المطاف بأن الأعراض المحتمل حدوثها عند الإصابة بالسرطان- بشكل عام- تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي على النحو التالي: -
- أعراض عامة،
- أعراض موضعية،
- أعراض تدل على وجود انتشار مرضي غير طبيعي.
وعند الحديث عن الأعراض العامة، فإننا نقصد بها تلك الأعراض التي لا نستطيع- ولمجرد حدوثها بشكل مباشر ومن الوهلة الأولى- ربطها طبيًا بأي مرض محدد؛ ولكن وعند استمرارها فإن ذلك سيعني أن هناك خلل يستدعي تتبعه من قبل الجهات الصحية المتخصصة وضرورة تحديد سببه، والذي "يُحتمل" أن يكون من ضمن مسبباته هو الورم السرطاني (وليس بالضرورة)!
وتشمل الأعراض العامة- بشكل عام- قائمة من التغيرات تكاد تظهر عند الشكوى من أي خلل صحي (ولا نستطيع ربطها بشكل مباشر بالأورام السرطانية)؛ وهنا نذكر أهمها- دون الدخول في التفاصيل- وهي على النحو التالي: (أ) فقدان الوزن لأسباب غير مبررة، (ب) الإحساس بوجود تعب وإرهاق عام في الجسم، (ج) فقدان الشهية، (د) التعرق خصوصاً أثناء الليل، (هـ) آلام الرأس.
وهناك أعراض عامة أخرى تتراوح في أهميتها، ولا أعتقد بأن هناك داعي للتفصيل فيها (في هذه السطور المختصرة)، خصوصًا وأن الهدف- في هذه المرحلة من النقاش- هو التعريف بماهية الأعراض العامة والتركيز على عناوينها الرئيسة.
أما بالنسبة للأعراض الموضعية (وهو القسم الثاني والذي يكاد يكون الأهم بين قسيميه، الآنف الذكر منهما، وكذلك القادم)، فهي تلك الأعراض التي تتركز في نسيج مُعين من أنسجة الجسم وذلك من خلال ظهور آثار إنتكاسية غير إعتيايدية فيه، وقد تشمل هذه الأعراض: (أ) ظهور كتلة صلبة في الموضع نفسه، وليس بالضرورة أن تكون واضحة للعيان لكنها محسوسة عند اللمس، أو (ب) ظهور تغيرات غير طبيعية كتغير شكل الجلد الخارجي أو سطحه أولونه، أو (ج) الشكوى من وجود إضطراب وظيفي، أو عدم التمكن من القيام بممارسة الوظيفة المُناط بها ذلك النسيج، بشكل طبيعي، أو (د) وجود إفرازات صديدية أو تقرحات دموية مستمرة، أو أي خروج لسؤال غير مُعتادة من نفس الموضع، أو (هـ) ظهور أي تغير خارج عن طبيعة التكوين الخلقي لذلك النسيج في ذلك الموقع من الجسم البشري.
وعليه، فنحن نتكلم عن أي تغير موضعي خارج عن طبيعة عمل ذلك النسيج أو العضو أو كامل الجهاز الذي نشكو منه على إختلاف تعقيد جسم الأنسان.
وبشكل عام، نستطيع أن نقول أيضًا بأن هناك أنسجة محددة تحتاج لمراقبة ومُعاينة مستمرتين (حتى وإن لم تظهر عليها أي تغيرات) نظرًا لحساسيتها النسيجية من جانب، ونظرًا لكثرة حالات الأورام السرطانية المسجلة فيها من جانب آخر (وهو السبب الأهم والذي يستدعي كل هذا الحرص الرقابي المستمر).
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر من ضمن الأنسجة التي تحتاج لرقابة ومُعاينة بشكل دوري، تزداد أهمية مع التقدم في العمر (إما من قبل الشخص نفسه أو من خلال إجراء الفحوص الدروية): (ِِأ) الثدي، و(ب) الغدد اللمفاوية المنتشرة في أجزاء متفرقة من أجزاء الجسم، و(ج) الجهاز الهضمي السفلي، خصوصًا القولون، و(د) عنق الرحم، حيث يتم رقابته ومعاينته من خلال إجراء الفحوص المخبرية الدروية له.
وبل شكك، فإننا نستطيع أن نتأمل الأحصاءات العامة في المنطقة والتي تُعد خير مؤشر على أهمية الإلتفات لمثل هذه النوعية من الأورام السرطانية.
أما القسم الثالث من التقسيم الذي وضعناه في هذا المجال، فهو قسم الأعراض التي تدل على وجود انتشار لتغيرات مرضية غير طبيعية؛ ونقصد بها الأعراض التي تظهر في أنظمة داخلية تكاد تكون متوزعة في الجسم كله في الغالب (والتي تظهر "في العادة، ولكن ليس بالضرورة" في مراحل متقدمة من المرض)، ومن أمثلتها: (أ) حدوث تضخم في الغدد الليمفاوية المختلفة في الجسم وفي أماكن متفرقة (وهو أمر وضحناه في أحد محاور الأجزاء الأولى من هذا التحقيق)، أو (ب) حدوث تضخم في الكبد (وهي الغدة المهمة والأكبر في الجسم البشري، والتي إن تأثرت فإن ذلك يعني تأثر مواقع أخرى في جسم الأنسان)، أو (ج) الإحساس بوجود ألم في العظام؛ وغيرها من أعراض متعلقة بأنظمة متداخلة مع جغرافيا الجسم البشري المعقد، وتكون تحت مرأى وإحساس الأنسان نفسه.
ومن ضمن ما يتم الاستدلال به على وجود الانتشار المرضي- أيضًا- هو ظهور تغيرات وأعراض موضعية غير طبيعية- لأنسجة غير المذكورة- في أكثر من منطقة من مناطق جسم الأنسان؛ حيث أن تكرار ظهورها في مواقع مختلفة يدل على أن هناك ترابط بينها وأن هناك علاقة نسيجية أو كيميائية تسبب هذا التكرار في ظهور تلك الأعراض الموضعية.
إن معلومات هذا العنوان (والذي يناقش موضوع "الأعراض") لم تكتمل بعد.
وعليه، فإننا سنلحق به قسمين آخرين، أعدهما مكملان له وسيتضمنان نقاط مهمة، لا يسعى المجال للحديث عنها في هذه السطور المحدودة (من أجل الحفاظ على مساحته الكتابية كمقال تحقيقي).
ومن هنا فإن الجمع بين هذا القسم والقسمين القادمين سيجعل من الصورة المرسومة له (بعنوانه الفرعي الموضوع له) أكثر وضوحًا.
انتظرني- عزيزي القارئ- في القسم الثاني من هذا الموضوع (والذي أسميناه بالأعراض)، والذي سنستكمل فيه ما بدأنا به من معلومات ولنناقش فيه زاويةً أخرى من زوايا هذا التحقيق، "الأورام السرطانية: التنشؤات الخفية"، مستثمرين بعض الأدوات البحثية التحليلية والتي بها سنرسم صورة توضيحية لِما نحن بصدده من شروح تصب في هذه الدائرة الحساسة من علوم الأمراض.
وحتى نلتقي في القريب العاجل (بإذنه تعالى)، دعائي للمرضى بالشفاء العاجل وللأصحاء بدوام الصحة والعافية،،،
0 comments:
Post a Comment