مرض "الإيبولا" (أو حمى "الإيبولا" النزفية) هو مرض يُصيب الأنسان، ويسببه فيروس "الإيبولا". وأعراضه النمطية تبدأ بعد يومين من إنتقال الفيروس للإنسان إلى حدود ثلاثة أسابيع؛ والتي تشمل: (1) ارتفاع درجة الحرارة، (2) التهاب الحلق، (3) ألآم المفاصل، و(4) الآم الرأس. أما الإحساس بالغثيان والتقيؤ والإسهال فيكون في العادة بعد تأثر الكبد والكليتين وظيفيًا (أي في مراحل متقدمة من المرض وبعد المرور المبدئي بالأعراض النمطية)؛ والتي عندها يبدأ بعض المصابين بالشكوى من نزيف شديد، يصل في بعض الحالات إلى خروج الدم من الإذن والعين والأنف.
وتبدأ العدوى بالفيروس عادة بعد الاتصال بدم أو سوائل مصدرها حيوانات مصابة بمرض "الإيبولا"؛ والتي عادةً ما تكون بعض القرود (خصوصا الشمبانزي الأفريقي) أو بعض انواع الخفافيش التي تتغذى على الفاكهة. ولقد اثبتت الدراسات بأن فيروس "الإيبولا" لا ينتقل عن طريق الرذاذ المتطاير في الهواء (أي كما يفعل فيروس الإنفلونزا). وكما هو موثق بحثيًا، فإن خفافيش الفاكهة تحمل "الإيبولا" دون أن يظهر عليها أعراض أو علامات للمرض (أي أن فيروس "الإيبولا" لا يسبب المرض لهذه النوعية من الخفافيش، وعليه فإن الخطر يصبح مضاعفًا). وعندما يظهر المرض على الإنسان، فإن الفيروس يستطيع الانتقال بين الناس بسهولة (وهنا تكمن المخاوف!). وكما هو موثق على مستوى مراكز الأبحاث، فإن الذكور المصابين بالفيروس (ايًا كان تصنيفهم في المملكة الحيوانية والتي تشمل الانسان) يستطيعون نقله للإناث أيضاً عن طريق السائل المنوي ولمدة شهرين من بداية الإصابة.
ومن أجل القيام بالتشخيص الصحيح فإن بعض الأمراض النمطية المشابهة في أعراضها لـ"الإيبولا" مثل الملاريا والكوليرا وبعض الفيروسات النزفية يجب أن يتم استبعادها مبدئيا، ولا يجوز الحكم دون التأكد من وجود هذه النوعية من الميكروبات اولا خلال مرحلة التشخيص، خصوصا مع الحالات الأولية من انتشار المرض؛ ومن بعدها يتم فحص عينات دم (تأخذ من المصاب بحذر شديد) من أجل الكشف عن وجود الأجسام الحيوية الصادرة من الجهاز المناعي ضد فيروس "الإيبولا". أما الفحص الآخر والذي يُعد مهما أيضاً ولكنه يحتاج لإمكانيات تقنية وبشرية، فهو فحص وجود جينات الفيروس الوراثية في الدم؛ والشيء بالشيء يُذكر فإن جينات هذا الفيروس من نوعية (RNA) وليست من نوعية (DNA)، وهي معلومة تعني الكثير عند الباحثين في مجال الهندسة الجينية للأحياء التي لا ترى بالعين المجردة. وقد يتم التشخيص أيضًا- كما تقوم بذلك بعض الجهات المختصة ومراكز الأبحاث في الدول المتقدمة- عن وجود الفيروس نفسه، والذي يشبه في تركيبته تحت الميكروسكوب الإلكتروني الخيط الملتف والمعقود حول نفسه. وللتوضيح، نذكر هنا أنه لا يتم في العادة الفحص عن وجود الفيروس بتركيبته الحية إلا فقط من أجل تأكيد التشخيص عند حدوث الوباء وفي الجهات المركزية المصرح لها بذلك؛ وهذا الأمر لا يتم في الغالب إلا مع الحالات الأولية للإصابة عند حدوث الوباء ومن ثم يكتفى بعدها بإصدار حكم التشخيص بالاعتماد على الفحوص السريعة.
والوقاية من الفيروس تشمل الابتعاد عن المصادر الحيوانية التي تم توثيق إصابتها بالفيروس أو احتمال إصابتها مثل القرود (بل وحتى الخنازير، والتي قد تم توثيق قابليتها للإصابة بمرض "الإيبولا"). ويتم القيام بهذا الإجراء- عادةً- عند وجود حالات إصابة في المنطقة المشتبه بها؛ وليتم بعدها القيام بمسح الحيوانات التي يحتمل نقلها للفيروس في ذلك المكان؛ حيث يتم هذا الأمر (كما هو متعارف عليه) عن طريق الفحص الدقيق لوجود المضاد الحيوي الموجه ضد الفيروس في تلك الحيوانات (وهو الفحص الأسهل والأسرع، والذي أشرنا له آنفا)؛ وإذا ما تم التأكد من ذلك فإنه يتم التخلص منها وبأسرع وقت ممكن، وهو الإجراء الذي يتم القيام به في الدول المتقدمة.
وبشكل عام، نؤكد هنا على أهمية طهي اللحوم بشكل جيد وبغض النظر عن أي محاذير مسبقة، بل ويزداد هذا الأمر أهمية عند الاشتباه بوجود حالات اصابة. ومن الأمور المهمة بل والضرورية في هذا المجال هو لبس الأدوات والبدل الواقية من قبل كل من يتعامل مع مصادر حيوانية في المناطق المشتبه بوجود الفيروس بها (وبالخصوص طاقم العمل الطبي). أما إجراء غسل الأيدي فهو بطبيعته أمر مهم خصوصًا عند لمس الإشياء العامة، ولقد أكدنا على هذا الإجراء من قبل وفي جميع الحالات، لأن الأيدي تُعد مصدرًا رئيسًا للإصابة بالميكروبات، حيث ترفع بعض الدراسات نسب الميكروبات التي تنتقل عن طريق الأيدي إلى 80%، من مجمل كل الميكروبات التي تنتقل للإنسان.
وفي حال تأكدت إصابة شخص بالفيروس، فإن دمه وكل سوائل جسمه تُعد مصدرا خطيرا في نشر المرض. وفي حال وفاة الشخص المصاب، فإن كل أنسجته تُعد خطيرة على من يلامسها؛ وفي هذه الحالة فإنه لابد من التعامل بحذر عند غسله وتكفينه ودفنه؛ وهنا يأتي موضوع التداخل بين علم الأديان وعلم الأبدان.
أما المعلومة المهمة هنا، وهي أنه لا يوجد حتى الآن علاج مخصص للتخلص من "الإيبولا"؛ بل أن الإجراءات العلاجية تشمل في العادة بدل الجهود الكافية في غرف الطوارئ من أجل مساعدة الشخص المصاب على تعويض سوائله المفقودة، وذلك عن طريق إعطائه محاليل عن طريق الفم لمنع الجفاف. وتشمل المحاليل في هذا الشأن المياه المحلاة بالسكر مع بعض ملح الطعام (إذا كان الأمر خارج نطاق المصحات الطبية)، أو يتم إعطاء المريض محاليل عن طريق الوريد في حال كان في مصحة طبية وتحت إشراف الطاقم الطبي.
نذكر هنا أيضاً، بأن مرض "الإيبولا" يُعد (كما يتم تعريفه في مراكز الأبحاث الوبائية) على أنه مرض قاتل؛ حيث يصل معدل الوفاة عند المصابين به إلى ما هو بين 50% و90%.
أما المعلومة التاريخية المتعلقة بفيروس "الإيبولا"، هي أنه قد تم التعرف عليه كفيروس ولأول مرة في السودان والكونجو؛ ومن ثم ظهر مرة أخرى وبصورة نمطية مشابهة للمرة الأولى في بعض المناطق الإفريقية والتي شملت زائير وساحل العلاج؛ حيث سبب وباء في تلك المناطق مما استدعى تدخل المنظمات العالمية هناك. وخلال العام 1976م (أي سنة اكتشافه) وحتى العام الماضي، أي عام 2013م، كان معدل ظهور الحالات البشرية المسجلة للفيروس- كما جاء في تقارير منظمات الصحة العالمية- الى قرابة 1000 حالة لكل سنة.
أخيرًا وليس آخرًا، فإن أكبر أعداد مسجلة للإصابة بمرض "الإيبولا"- كما جاء على لسان منظمة الصحة العالمية- هي خلال المرحلة الحالية، أي خلال إنتشار الفيروس في هذا العام، 2014م، والذي مازال مستمرًا في غرب أفريقيا حتى يومنا هذا. بل أنه ومن جولاي من هذا العام وحتى آخر تقرير صادر من المؤسسات الصحية العالمية والأعداد المسجلة مجملا هي أكثر من 1320 إصابة بالفيروس. وهذه الأرقام لا تعني الخوف، بقدر ما تعني توثيق النسب التاريخية لهذا الفيروس لتتمكن-عزيزي القارئ- بعدها من تقييم معدل انتشاره مقارنة ببقية الميكروبات الممرضة.
وتبقى الجهود مستمرة في مراكز الأبحاث من أجل التوصل لاكتشاف لقاح له! (وهو الامر الذي لم يتحقق وللأسف الشديد حتى الأن).
ما ذكرته لك- عزيزي القارئ- في السطور أعلاه هو مادة تثقيفية تتعلق بحقيقة ما يسمى بفيروس "الإيبولا"، وذلك من اجل ان لا تكون العناوين التي تقرأها- هنا او هناك- غامضة عليك، ولتستطيع بعدها التمكن من تفكيك رموز العبارات التي تذكرها وسائل الاعلام بخصوص هذا الفيروس.
0 comments:
Post a Comment