يُختَصَر تعريف "أوميجا-3" (Omega 3) في كونه حمض دهني غير مشبع يحتوي على عنصرين مهمين، هما: (Epicosapentaenoic) ويُرمز له بـِ (EPA)، وَ(Docosahexaenoic) ويُرمز له بـ (DHA)؛ وكلا هذين الحمضين يُعدُّ من الأحماض الدهنية الأساسية لخلايا الجسم التي لا تستطيع أنظمة الأنسان الداخلية صناعتها؛ وبالتالي فإنَّه لا بد من الحصول عليهما من المصادر الغذائية أو المكملات الصيدلانية (عند فقر المصادر الغذائية لها). وتكمن قيمة هذين الحمضين في كونهما ضروريين لحيوية خلايا الجسم عموماً وحيوية خلايا الشرايين على وجه الخصوص.
وتتركز مصادر "أوميجا-3" في أنواع السمك الغني بالزيت مثل "السلمون" و"السردين" و"الماكريل" و"التونة" وغيرها من أسماك دهنية (التي من ضمنها "الميد" و"السُّوَد" و"السمان" المنتشرة في دول الخليج العربي لِغناها بالزيوت)؛ ليس هذا فحسب، بل أنَّ غيرها من محاصيل زراعية مثل: فول الصويا، والزبيب، وبذر الكتان، واللوز، والزيتون يحتوي "أوميجا-3"؛ بل أنَّ زيوت هذه المحاصيل- التي يأتي على رأسها زيت الزيتون وغيره من زيوت نباتية طبيعية- يحتوي "أوميجا-3" بمعدلات عالية جدًا لأنَّها الوسط الحاضن لـ "أوميجا-3".
وللتأكيد (حيث أنَّ الشيء بالشيء يُذكَر)، فإنَّ الزيوت النباتية الطبيعية (ومن أهمها زيت الزيتون) تمتاز مجملةً- في جانب آخر- بقلة الأنواع الضارة من الدهون (كـ "أوميجا-6"، وما شابه).
ويوجد "أوميجا-٣" في الصيدليات الدوائية ومحلات المكملات الغذائية على شكل كبسولات زيتية جاهزة، بل أنَّه يتوفر أيضًا في البقالات العامة بسبب أهميته (كما هو الحال المُتَّبَع في أوروبا).
وبالإعتماد على ما يقدمه "أوميجا-٣" من حيوية لخلايا الجسم بشكل عام وخلايا الشرايين بشكل خاص (كما تم توضيحه أعلاه)، فإن فوائده (التي تشير لها الدراسات المتعددة) تشمل: رفع مستوى التركيز والقدرات الذهنية للأطفال والكبار، وتأخير سن الشيخوخة من خلال إعطاء الجلد تماسكًا وقوة، والحماية من مرض الـ "زهايمر"، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وعوامل تجلط الدم (التي تنتج عنها الأزمات القلبية والجلطات)، وتقليل معدلات الدهون الثلاثية، والتقليل من ترسب الكوليسترول والدهون على جدار الشرايين الذي يؤدي إلى تصلبها (مما يحسن حالة الشرايين)، ورفع مستوى الكولسترول النافع للجسم، وتنشيط الجهاز العصبي والعضلي والتناسلي (حيث أنَّه يُحَسِّن من وظائف الشرايين التي تقوم بالدور الأكبر في العملية الجنسية)، والمساعدة في الحماية من جفاف العيون أو تخفيف أعراضه، والتقليل من التهاب الجفون وماء الغدد الدمعية. بل أنَّ من أهم ما يقوم به الـ "أوميجا-3" أنَّه يعمل كمضاد للتخثر وبالتالي فهو يُساعد على منع تجلطات الدماغ والقلب.
كما يمتاز باحتوائه على أملاح معدنية ضرورية ومهمة (نظرًا للطبيعة الغذائية التي تحتويها المصادر الحاضنة له)، والتي تشمل: ملح اليود الذي يُعَدُّ من الأملاح الضرورية في عمل الغدة الدرقية (وبالتالي فهو مفيد للغدة الدرقية وليس ضار لها)، خصوصًا ذاك المُستَخلَص من زيوت الأسماك.
وهو أيضًا غني بالفيتامينات المهمة مثل فيتامينات: "أ" وَ"د" وَ"هـ" وَ"ب6" وَ"ب12"، كما يتم ملاحظته دائمًا مع المحاصيل الزيتية؛ حيث تُعَدُّ هذه الفيتامينات مجتمعة مهمة في تركيب العظام والأسنان، والمحافظة على مرونة طبقات الجلد الخارجية والأغشية المخاطية، بل أنَّ فيتامين "د" يُعَدَّ عنصرًا مهمًا في امتصاص الكالسيوم والفسفور من الأمعاء، ليتم استخدمه بعد ذلك كوحدات رئيسة في بناء العظام.
وتتراوح الكميات اليومية المهمة واللازمة لجسم الإنسان من "أوميجا-3" (DHA + EPA) بين 0.5 وَ1.8 جرام؛ ومن هنا فإنَّ التوصيات تُركِّز على تناول الأسماك مرتين إلى 3 مرات في الأسبوع كحد أدنى (نظرًا لتَمَيُّز الأسماك على غيرها من محاصيل زراعية بإرتفاع تركيز "أوميجا-3" فيها). إلا أنَّ بعض الدراسات أيضًا تُلمِّح إلى ضرورة عدم تجاوز نسبة جرعات الكبسولات عن معدلاتها الطبيعية المنصوص عليها حتى لا يُكون ذلك سببًا في زيادة ميوعة الدم.
وقد يحتاج الأشخاص الذين لديهم نسب مرتفعة من ثلاثي الجلسرين والكوليسترول (وهي دهون ضارة) إلى كميات أكثر من "أوميجا-3"، تصل إلى ما بين 2 وَ4 جرام في اليوم الواحد؛ والتي يمكن أخذها في صورة كبسولات (بالإضافة إلى أنواع الأغذية السابقة)، كما تمت الإشارة له أعلاه.
ونستطيع القول عمومًا أنَّ القضية المُتَعَلِّقة بموضوع دهون "أوميجا-3" المُقَدَّمة من قبل الدوائر الطبية عادةً ما تُناقِش (وبالدرجة الأولى) نقصها، لا زيادتها. بل أنَّ البعض يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يؤكد الكثير من الباحثين في هذا المجال على ضرورة أنْ تكون الأغذية الأساسية مُحتَوِية على الدهون الغنية بـ "أوميجا-3" (المُشَار لأهمها أعلاه)، بل ويُفتَرض أنْ تكون موجودة على قائمة الوجبات اليومية وبشكل دائم (مع الأخذ في الاعتبار أهمية التنويع فيها كزيوت غنية بـ "أوميجا-3" وتوزيعها على مدار الأسبوع بطريقة مدروسة).
وللتأكيد، فعند الحيدث عن الدهون الصحية الغنية بـ "أوميجا-3"، فإنَّني أعني الدهون الطبيعية وليس الدهون الصناعية أو تلك المشبعة الضارة بالقلب وبأوعية جسم الأنسان التي تحتوي على نوعيات أخرى من "أوميجا" كـ "أوميجا-6" الضار (المُشار له أعلاه) الذي تنظر له بعض الدوائر الطبية على أنَّه مقياس آخر مُعاكس لـ لمقياس "أوميجا-3"؛ فتدني مستوى "أوميجا-6" وارتفاع مستوى "أوميجا-3" يدل على التمتع بالصحة. وللإشارة، فإنَّ بعض الدراسات تُلَمِّح إلى احتمالية ارتباط "أوميجا-6" ببعض الأورام السرطانية (الأمر الذي جعلني أُشير له في هذه الخُلاصة على وجه الخصوص).
0 comments:
Post a Comment