Wednesday 27 April 2016
April 27, 2016

هل ينتقل السرطان عن طريق الوراثة؟



أولًا؛ قبل الإجابة على السؤال لابد أنْ نعي أنَّ كل أنواع الأورام السرطانية تحدث بسبب تغيرات في المواد الوراثية الموجودة في أجسادنا التي تُسمى بالجينات؛ وهي عبارة عن وحدات معلوماتية مُتَمركزة في كل خلية من خلايا أنسجتنا مسؤولة عن إخبار أجسادنا عن أنواع البروتينات الواجب تصنيعها لإكمال الوظائف الفسيولوجية المختلفة ومن أجل الحصول على المواصفات الجسمانية المُميزة لنا دون الأخرين؛ حيث تتوزع أدوار هذه الجينات بشكل نظامي على سائر خلايا الجسد؛ واعتمادًا على نوع الخلية المتواجدة فيها وطبيعة احتياجها والوظيفة المنوطة بالقيام بها والمزايا الوراثية المحمولة بين شفراتها يتم تحديد طبيعة الدور الواجب عليها القيام به.

ثانيًا؛ هناك بعض أنواع الجينات التي تتولى فقط مهمة القيام بإصلاح العطب والخلل المتراكم في الخلايا بفعل: عامل الزمن والتقدم في السن والسموم البيئية والتعرض للإشعاعات المختلفة وعوامل التغذية الضارة واضطراب الهرمونات وبقية المتغيرات التي تتعرض لها خلايا الجسم بشكل مستمر. ومن هنا، فإنَّ الجينات الإصلاحية تقوم بصيانة الخلل الحادث في الخلايا متى ما وُجد؛ أما عند عدم مقدرتها على القيام بعملية إصلاح الخلل الخلوي فإنَّها تقوم بإخبار الخلايا بالتوقف عن النمو أو حثها على الإنتحار (إذا لم يكن هناك حل آخر).

ثالثًا؛ أنَّه حينما تُصاب الجينات (وأعني أي نوع من أنواع الجينات) بالعطب أو التغير الوراثي، فإنَّه يحدث فيها ما يُسمى بالتحور الجيني. أمَّا حينما يحدث هذا العطب- على وجه الخصوص- في نفس الجينات الإصلاحية، فإنَّ عملية إيقافها عن النمو أو قتلها يكون خارج نطاق السيطرة (نظرًا لأهميتها الإصلاحية والتنظيمية لبقية الجينات)، مما يتسبب في نشوء ما نسميه بالسرطان أو الورم في النسيج الذي تتواجد فيه والذي قد يتسبب لاحقًا في انتقاله لموقع آخر.

رابعًا؛ إنَّ تشكِّل الجينات المتسببة في حدوث التحور الخلوي ونشوء السرطان في الكثير من الأشخاص الذين يصابون بالسرطان يكون على مدى طويل من الزمن (قد يستمر إلى ما هو أكثر من نصف عمر الأنسان)، مما يتسبب في حدوث السرطان خلال مراحل متقدمة من الحياة.

خامسًا؛ هناك بعض الأشخاص (وإنْ كانوا أقلية) من اللذين يولدون بتحويرات جينية موروثة من أمهاتهم وابائهم؛ الأمر الذي يجعل قابليتهم للإصابة بالسرطان فقط أكثر من غيرهم (وهو لا يعني أنَّهم يُولدون بأورام سرطانية). وحينما يتشكَّل السرطان بفعل الجينات الموروثة من الوالدين (بغض النظر عن حالة كل من الوالدين الصحية الجيدة أو غير الجيدة)، يتم الرجوع له بالسرطان الوراثي، أي الذي لعبت الوراثة فيه في حدود معينة دورًا وشاركت مع بقية الأدوار المهمة الأخرى في تشكُّل الورم. وهذا الكلام لا يعني أنَّه في حال كان الوالدان أو أحدهما مصاب بورم سرطاني فإنَّ الأبناء سيُصابون حتمًا بنفس الورم، ولا يعني أيضًا أنَّه في حال كان الوالدان سليمان فإنَّ الأبناء ستتشكل لديهم وقاية طبيعية من أي ورم سرطاني مستقبلي في حال تعرضوا لبقية العوامل المربوطة بالتسبب في حدوث الأورام السرطانية.

وباختصار شديد، نستطيع القول بأنَّ الورم السرطاني عبارة عن تحور جيني يحدث نتيجة أسباب مُركَّبة وعوامل مُتَعَدِّدة وليس عامل واحد، تتأثر فيه نظم الصيانة الجينية فيه عن العمل، مما يتسبب في فقدان الرقابة البيولوجية على نشوء أي خلل أو تحور أو نمو خلوي غير طبيعي.

0 comments:

Post a Comment