Tuesday 6 December 2016
December 06, 2016

هل قيم فيتامين "د" التي تنحدر معظمها عن مُعدلاتها الطبيعية هي فعلًا قيم عادلة؟

بما لا شك فيه أنَّنا حينما نعتمد على المعايير المُعتَمَدة (Reference values) التي حدَّدتها المُنظَّمَات الصحية المرجعية المتعلِّقة بفيتامين "د"، سنلاحظ وجود النقص أو عدم الكفاية فيه عند الكثير من فئات المجتمع المتفاوتة الأعمار الذين يتم تشخيصهم مخبريًا!

وهُنا يسأل الكثير من المُتخصصين ومن غير المُخصِّصين هل نزول مُعدَّل فيتامين "د" عن المُعدَّل الطبيعي هو نزول حقيقي؟ أم مُبالغ فيه؟

بدايةً، لو افترضنا أنَّ قراءات فيتامين "د" هي فعلًا قراءات مُبالغ فيها ولا تُعبِّر عن ضرورة الاحتياج لأي دواعم صيدلانية أو غذائية خارجية أو اشعاعات فوق بنفسجية قادمة من أشعة الشمس تُساعدهم على تنشيط المُتراكم من فيتامين "د" في أنسجتهم الدهنية تحت جلودهم؛ فإنَّه وبناءً على هذا الافتراض، سأذهب تلقائيًا للقول بأنَّ هذه الثغرة هي ثغرة تشخيصية تتطلَّب منا حينها أنْ نُراجِع - أولًا - طبيعة القيم الموضوعة التي نطلق عليها طبيًا بالـ (normal range)، التي في حال كانت فعلًا مرتفعةً عما يجب الأخذ به إكلينيكيًا، فإنَّ هذا سيعني أنَّها قيم غير عادلة عند التشخيص المخبري [Unjustified high cutoff values 25 (OH) D]. هذا طبعًا في حال فرضنا فعلًا بأنَّ هناك ثغرة في طبيعة هذه القراءات (وهو مجرد افتراض أولي أُجاري فيه كل التساؤلات التي يطرحها بعض الزملاء حول هذا الموضوع).

لذا فأنا أعتقد – في الجانب الأول – (على افتراض وجود ثغرة حقيقية) فإنَّ استخدام القيم المُحدِّدة للنسب الطبيعية عند قراءة فيتامين "د" (High cutoff values of the normal range) قد يكون أحد هذه العوامل (في حال ثبت فعلًا بأنَّها عالية).

أمَّا في الجانب الثاني، فإنَّ التقنيات المستخدمة في تحديد هذه القيم قد تكون هي الأُخرى أحد هذه العوامل الداخلة في تغيير حقيقة العناوين المُتعلِّقة بهذا الشأن (إمَّا بشكل مُستقل عن العامل الأول أو بشكل مُصاحب له).

إلّا أنَّني أيضًا أؤكِّد دائمًا على أنَّنا لا نستطيع الحكم على ما جاء في الفقرتين السابقتين وتقديم الخلاصة النهائية بشكل قاطع إلّا من خلال دراسة موضوعية لكل العوامل المُحتملة لنشوء مثل هذه الظاهرة؛ خصوصًا وأنَّنا لو تعاملنا معها على أنَّها غير حقيقية (كما يعتقد البعض)، فلن يكون حكمنا عادل، وسنغض الطرف حينها عن الكثير من الحالات التي تُعاني فعلًا من نقص في هذا الفيتامين، ومنها لليونة أو هشاشة العظام!

اذًا، فالخلاصة هي أنَّنا لابد أنْ نحدد نقطة التحول الحقيقية (في حال فرضنا وجود المبالغة في المعايير الحالية) التي تُحدِّد بداية الانتقال بين المناطق الثلاث: النقص وعدم الاكتفاء والاكتفاء. ليس هذا فحسب، بل ويجب حينها تحديد تحسُّس قيم التطبيقات المخبرية التشخيصية (sensitivity) وقيم انتقائيتها (specificity)، لنتمكن بعدها من الكشف عن المحتاج الحقيقي لفيتامين "د" من عدمه!

وبعبارة أُخرى، فأنا هنا أعني ضرورة الإجابة على السؤال القائل: إذا كانت المعايير الحالية مبالغ فيها (كما يُثار أحيانًا)، فما هي المعايير الواجب تبنِّيها لتحديد النقص وعدم الكفاية والكفاية؟

والسؤال السابق هو سؤال منطقي وواقعي ولابد من طرحه عند مناقشة الزملاء الذين دائمًا ما يضعون علامة استفهام على بعض القراءات المُتعلِّقة بفيتامين "د"، سِيَّمَا وأنَّه لا يوجد مُستفيد (لا فرد بعينه ولا حتى شركة محددة) من وراء تضخيم هذه الظاهرة؛ فهي ظاهرة موجودة في كل العالم (وتُسمَّى بمرض العصر)؛ حيث يُعزيها بعضهم لنمط الحياة ويعزيها بعضهم الأخر لأسباب أُخرى لا يسع المجال لأنْ نتوسع فيها هنا، إلّا أنَّها في نهاية المطاف ظاهرة لابد أنْ نعترف بها وبوجودها على المستوى الإكلينيكي اعتمادًا على المعايير المُعتَمَدة (Reference values) التي حدَّدتها المُنظَّمَات الصحية المرجعية المتعلِّقة بفيتامين "د"!

ويجدر بي أنْ أذُكر لكم هنا أيضًا أنَّه (اعتمادًا على تلك المعايير المرجعية) قد سبق وأنْ تعرَّضت في أكثر من وقفة تعقيبيه لموضوع فيتامين "د"، وذكرت فيها أنَّني ومن خلال متابعة لصيقة وقراءة مُتمعِّنة من خلال مئات العينات المخبرية، وجدت أنَّ أكثر من 97% من أبناء المملكة العربية السعودية الذين يقطنون المنطقة الشرقية يُعانون من نقص في هذا الفيتامين الحيوي أو عدم اكتفاء منه كما هو مُبيَّن (مثلًا وليس حصرًا) في التسجيل التلفزيوني الذي جاء بعنون: نقص فيتامين "د" - المرض الصامت.
_______________
مواضيع ذات صلة: -

0 comments:

Post a Comment