الدعوة
بخصوص تلميح بعض الإخوة الأعزاء لِموضوع تعارض بعض الروايات الصادرة عنهم "ع" بشأن كمية الماء الواجب شربها في اليوم الواحد مع موضوع الاستدلالات العلمية والطبية، وعد ذلك "اكثارًا".
التعليق
أولًا، إنَّ تقديم الاستدلال العلمي بشأن بعض القضايا المُتَعلِّقة بموضوع شُرْب الماء هو تقديم يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالدائرة الطبية الحديثة والأبحاث الإكلينيكية الرافضة لبعض الأطروحات المنسوبة لنفس دائرة الاستدلال العلمي الطبي التي يتم الترويج لها من قِبل البعض دون بينة أو برهان. أي أنَّ الكلام يستند إلى الدلائل المُوَثَّقَة التي توفِّرها المنظمات الصحية وجمعيات الصحة العالمية في مواجهة بعض القضايا الصحية المطروحة في نفس دائرتها المعرفية (دون أنْ يشمل بقية الدوائر غير الطبية بغض النظر عن كونها عقدية أو فلسفية)، وبما جاء فيها من أبحاث ودراسات مُحْكَمَة (في هذا الشأن فقط)؛ سِيَّما أنَّ أصل القضية يتصل بهذه المعارف الصحية العلاجيَّة وذلك لأنَّه من اهتماماتها، ولأنَّه يتطلَّب رأي أهل الأختصاص في هذا المجال عند مُخاطبتهم للمرضى؛ أي أنَّه من باب "حاجوهم بما يحاجوا به أنفسهم". وعليه، فإنَّ الحديث يدور في نطاق ضيّق ولا بد من الانتباه لحدوده ومساحته المعرفية.
ثانيًا، في حال جزمنا باليقين القاطع أنَّ ما جاء في الروايات التي يستخدمُها البعض كسلاح في نسف كل دليل علمي (والتي سأذكر منها مثالين لاحقًا) هو حقًا قد ورد عنهم "ع" (والذي سيعني أنَّنا وسعَّنا دائرة النقاش وخرجنا من حصرها في دائرتها البحثية المُتَعَلِّقة بالطب الحديث)، فإنَّنا عقائديًا لابد أنْ نأخذ بها. وعليه، فإنَّ المُتَرَتِّب على الأمر - بعد ذلك - أهمية تفكيك عبارات تلك الروايات وفهم كلماتها والمناسبة التي وردت فيها (وهل هي عامة؟ أم مُقَيَّدَة بشرط مناسبتها؟)، من أجل أنْ يتبيّن لنا المعنى (وهي - بما لا شك فيه - وظيفة المتخصصين في علم الرجال والتحقيق الروائي والمعارف الفقهية الحوزوية).
ثالثًا، إنَّنا على قاعدة التسليم المُشار له في النقطة الثانية بحتمية صدور رواية من هذه الروايات عنهم "ع"، فإنَّ الاسترسلال في بيان معاني كلماتها سيتطلّب - حينها - الإنغماس في تغطية تعريفاتها المُستخدَمة على المستويين: اللغوي والشرعي؛ حيث أنَّ المعنى اللغوي لعبارات الرواية سيرتكز حينها على معرفتنا وامتلاكنا لأدوات اللغة القادرة على استنباط نفس المعاني المُستخدَمة عند صدور الرواية المُحيطة بذلك الظرف الزمني والمكاني، بينما المعنى الشرعي سيتطلب منا امتلاك المقومات المؤهِّلة لتقديم المعنى المُراد بصورته الأصيلة المُطابق لواقع صدور الرواية؛ وهذا الأمر هو وظيفة الحوزات العلمية الباحثة رجلاتها في الشؤون ذات العلاقة بهذا الموضوع.
ولبيان ما أرمي له من العبارة السابقة، سأقف في الجانب الأول عند مثال توضيحي، مرتبط بعبارة "الكثرة" التي وردت في بعض الروايات، ومنها ما رُوي عن أبي عبدالله "ع" قوله: "إياكم والاكثار من شرب الماء" (وهي الرواية التي أشار لها أحد الإخوة مُجادلًا ضد الأطروحة الطبية؛ والتي وجدتها عند بحثي في المحاسن ص 570 - 571).
وهنا أسأل (في نطاق الرواية أعلاه فقط): هل هناك حدُ يُعدّ بعدها شُرب الماء إكثارًا؟ فهل هو كوب أم كوبين أم ثلاث؟ أم ماذا؟ ومن يُحدّد هذا المقدار؟ أم أنَّه مُرتبط بحالة يستشعرها الإنسان كالعطش مثلًا؟ وماذا عمن لا يشعر بحاجته لشرب الماء بسبب خموله وعدم حركته؟ هل هو مُقِل في شُربه له؟ أم أنَّها علامة على تُشبّع جسمه بالسوائل؟ أو أنَّ الأمر مُتعلِّق بصورة يلمحها الإنسان كمؤشّر لعنوان الإقلال أو الإكثار في شرب الماء، كلون البول مثلًا؟ وهل هذا الأمر متروك للطبيب؟ أم أنَّه من خصوصيات طالب العلوم الدينية ولا شأن للطبيب به لا من قريب ولا من بعيد كون أنَّ الأمر محسوب على الجانب المروي عنهم "ع"؟ وهذان السؤلان الأخيران هما في غاية الأهمية، فتأمَّل فيهما جيدًا.
ولو أردنا الاسترسال في طرح هذه النوعية من الأسئلة سنُلاحظ أنَّنا سنقف حينها أمام عُقد مُتداخلة وكثيرة تحتاج لتفكيك من قبل من هم مُتخصِّصون في المجالات المُختلفة التي وردت في فحوى تلك الروايات. هذا فضلًا عن فهم طبيعة ما كان مُترتِّب على ظروف الرواية (في حال صحتها). فهل قالها الإمام "ع" في ظروف كان الناس فيها يشتكون من شُح في الماء؟ أم قالها في ظروف سفر؟ أم قالها في ظروف إحدى المعارك التي كان الماء حينها غير متوفّر لهم؟ وهي أسئلة جوهرية يُحدّد إجابتها المعني بالأمر في هذه الشؤون.
وأيًا كان معنى عبارة "الإكثار" والجهة التخصُّصية المسؤولة عن تحديد معناها، فإنَّ هذا لا يختلف في نهاية المطاف مع التوجيه الطبي الذي ينهى هو الآخر عن الإكثار في شرب الماء. وحينما نحث الناس في العموم – كمُتخصّصين في الدائرة الطبية - على شرب ما مقداره كوب (في حدود 200 مل) لكل عشر كيلو من وزن الإنسان (أي ما يُعادل 8 أكواب بحده المتوسِّط للشخص البالغ، تسهيلًا لفهم المعنى والابتعاد عن الحسابات الرياضية) فنحن لا نعدُّ هذا إكثارًا، لأنَّه يُعوِّض المفقود من السوائل اليومية فقط.
وهنا ألفت الانتباه إلى أنَّ الإنسان يفقد يوميًا ما يُعادل لترين إلى 3 لترات من السوائل، وهو المقدار المحسوب بيولوجيًا عند قيام الإنسان بمختلف العمليات الفسيولوجية المُختلِفة المشمول فيها ميكانيكية التبوّل والتغوّط والتعرّق والتنفّس وسائر التفاعلات الأيضية الأخرى التي يقوم بها الجسم البشري في كل يوم. ومن أمثلته التوضيحية: حركة الهواء الرطب في الجهاز التنفسي أثناء عمليتي الشهيق والزفير، المُحتاجة للماء من أجل حماية الأنسجة المُخاطية المُبطِّنة لممرات هذا الجهاز الحيوي من الجفاف ومن بقية العوامل الأخرى المؤثِّرة عليه. ولو كان هذا الهواء جافًا (بدون ماء) لتجرّحت هذا الممرات التنفسية. ويكفي هنا أنْ يقف الإنسان بالقرب من زجاجة حال تنفسه ليرى كمية البخار المُتراكم مع مرور الوقت الصادر مع هواء زفيره، في دلالة على مقدار فقده لِلسوائل على نحو مستمر، والتي ترتفع مع ازدياد كمية النشاط البدني.
وعليه، إذا كان مقدار ما نحصل عليه في أفضل الأحوال من السوائل أثناء تناول الأغذية الصحية (كالفواكه والخضراوات وبقية المأكولات والمشروبات الصحية من عصائر وما شابه) يصل إلى حدود: من لتر إلى لتر ونصف، فإنُّه من الطبيعي أنَّ يكون التوجيه الطبي هو التعويض من خلال شرب الماء الخالص الذي سيكون حسابه حينها في حدود: من لتر إلى لتر ونصف أيضًا (من أجل إكمال المقدار المفقود الواقع في حدود ما بين: من لترين إلى ثلاثة لترات)، وهي معادلة رياضية مباشرة ولا تحتاج إلى أي تعقيد. وهنا أؤكِّد مرةً ثانيةً بأنَّ هذا القدر من الماء ليس إكثارًا بحسب معايير الدائرة الطبية. بل أنَّ هذا المقدار التعويضي قد يزيد عن القدر المُتعارف عليه في بعض الظروف الإستثنائية التي تزيد فيها كمية فقد السوائل من الجسم (أي أنَّه سيتجاوز حدود: 2-3 لتر/يوميًا). ومن أمثلتها التوضيحية وليس الحصرية: الظروف التي يُمارس فيها الإنسان نشاطًا أكبر من النشاط الإعتيادي (كما يحدُث مع الرياضيين مثلًا)، أو عند ارتفاع درجة حرارة الجو (أي كما يحدُث في أجوائنا خلال فصل الصيف)، أو عند حدوث بعض الأمراض الشاملة لحالات الإسهال الشديد (كتلك الحالات التي يشتكي فيها الأطفال من إسهال حاد، يكون فيها التعويض بالسوائل مُنقد للحياة)، أو عند زيادة أي نشاط أيضي آخر تؤدّي استمراريته لخسارة كمية كبيرة من الماء من الجسم البشري ونزولها عن نسبتها الطبيعية التي هي في حدود 70% من وزن الإنسان.
وللتوضيح، أذكر لكم بأنَّه في حال عدم قيام الإنسان بهذه الميكانيكية التعويضية فإنَّ جسمه يلجأ حينها بشكل تلقائي للاقتصاد في فقد السوائل الداخلة في العمليات الفسيولوجية المُشار لها أعلاه دون أنْ يلتفت الإنسان لهذه العملية الصامتة، الذي قد يعتقد عندها أنَّه لا يحتاج للسوائل؛ وهو الأمر الذي ينشأ عنه بشكل مُفاجئ - عند الإستمرارية عليه - بعض الأمراض المُتعِبة للجسم البشري كتكوّن الحصوات في الكليتين والتعرّض لبعض الأمراض الصدرية الجرثومية بسبب تأثّر المناعة وتشكّل بعض الأمراض المرتبطة بالجهاز الهضمي التي تؤدّي عادةً لإنطلاق روائح كريهة عند التنفّس وغيرها من أمراض تُرهِق صحة الإنسان. لذا، فإنَّ قول بعضهم بأنَّ الإكثار من شرب الماء يجوز فقط عند الإصابة بالحصوة أو ما شابه من مشاكل صحية (بحسب فهمه للروايات، ولا أدري كي فهم هذا الأمر!)، هو للأسف الشديد استثناء مُتأخِّر؛ حيث أنَّ منع تكوُّن الحصوات هو إجراء في أساسه وقائي وليس علاجي ينجم عن التعويض الصحيح للماء المفقود من الجسم كي تتم عملية تنظيف الرئتين بشكل صحيح؛ ففكر في هذا الأمر جيدًا.
ومن هُنا، فإنَّ الرواية المذكورة في بداية الحديث (إنْ صحت) لا تتعارض مع الأطروحة الطبية والدلائل البحثية والعلمية. وعلى هذا الأساس نستطيع أنْ نقيس الكيفية التي من خلالها يتم التعامل مع بقية العبارات والأسس التي يجب أنْ يكون الحوار مبني عليها. هذا من جانب، فلاحظ.
أمَّا في الجانب الآخر، فهو الأمر المُتَعَلِّق بتفكيك معاني بقية ما جاء في روايات أُخرى من عبارات نسبية أشار لها البعض عند وقوفهم أمام الأطروحة الطبية التي تدور في فلك شرب الماء، كتلك التي عارض فيها البعض الأطروحة الطبية التي لا تحتوي نصوصها على أي تأكيدات تتعلّق بأهمية شُرب الماء الحار على الريق في الصباح الباكر. ومنه الرواية التي جاء فيها العبارة التالية: "يُفضَّل شرب الماء البارد على الريق في شهر تموز" (الرسالة الذهبية لأبي الحسن علي بن موسى الرضا في مستدرك الوسائل ص 455 ج 16). وكذلك تلك التي تقول: "في كانون الثاني يُفضَّل شرب الماء الحار على الريق" (المصدر السابق). وكلها عبارات قدّمها البعض في هذا المجال كحجة (وليست من اختياري). وهنا أُبين أمرًا، وهو أنَّ تموز حسابيًا يقع في فصل الصيف، وكانون الثاني يقع في فصل الشتاء، وهو ما يعني بديهية التوازن - عند التوجه التلقائي من قبل غالب الناس - لشرب الماء البارد في تموز وشرب الماء الحار في كانون الثاني خصوصًا في النصف الأول من الكرة الأرضية التي ينطبق عليها هذا التوصيف، والشاملة لمكة والمدينة وبلاد الشام والعراق وبقية الأقطار المُختلفة، العربية منها والأجنبية (أي أنَّها الشاملة لجغرافية مكان تواجد الأئمة الأطهار "ع" في تلك الحقبة التاريخية). إلًا أنَّ السؤال المطروح هنا: هل ينطبق هذا على من يعيش في النصف الآخر من الكرة الأرضية كأستراليا ونيوزيلاندا الذين يختلف عندهم ترتيب الفصول (فتراه رأسًا على عقِب مقارنةً بالنصف الأول)؟ وهو الأمر الذي يشرح لنا في إشارة واضحة - اعتمادًا على هذا التحليل المبدئي - كيف أنَّ هذه الروايات (إنْ صحت وثاقتها) تأتي في سياق ورودها في ظروف زمانية ومكانية خاصة؛ وهو ما يدفعنا لِطرح السؤال الآخر المنطقي: هل يجوز تعميمها على كل المناطق الجغرافية من الكرة الأرضية؟
وأمَّا بخصوص أمر شرب الماء على الريق، فنحن لا نعارض هذا الموضوع، بل نؤكِّد على أفضليته النسبية، إلَّا أنَّ معارضتنا في هذا الشأن تأتي في نطاق ربطها دون قيد أو شرط بالماء الحار على نحو دائم وتقديمه على أنَّه وصفة ناجعة ِللكثير من الأمراض، الشاملة للأورام السرطانية وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي وغيرها من أجهزة حيوية مُختلفة (كما يتم الترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ أي أنَّنا نعارض ما يبثه البعض على الشبكات الإلكترونية دون دليل أو بُرهان ولا نعارض ما تتضمنه هذه النصوص لكونها متوازنة في طرحها - بعيدًا عن جهة صدورها - والتي فهمَها البعض خطأً على أنَّها تسير في اتجاه مُعاكس للإستدلالات العلمية). واختصار هذا الكلام، هو أنَّ كل ما جاءت به هذه الرواية - في هذه الفقرة - لا يتعارض مع الأطروحة الطبية (بغض النظر عن وثاقتها وسلامة بقية شؤونها التحقيقية). وأمَّا بشأن كون الماء دافئًا أو لا، فهو متروك لارتياح الشخص وتقبله له، كون أنَّه لا يُوجَد ما يدعم أو يُعارض هذا الأمر.
ليس هذا فحسب، بل أنَّي سأستطرد في طرح عبارة أخرى من عبارات هذه الرواية (كمثال يُعزّز الفكرة التي أسعى لإيضاحها أيضًا) وضمّها لمحورية النقاش مُرتكِزًا فيها على قاعدة افتراض التسليم القاطع بأنَّها قد صدرت أيضًا من الإمام "ع"؛ وهي عبارة "بارد" وعبارة "حار"؛ ومنها ساسأل: ما هو المقصود بالبارد؟ وما هو المقصود بالحار؟ فهل البارد هو الماء المعروف عرفًا بأنَّه بارد فقط؟ أم أنَّه الماء الذي تنخفض درجة حرارته عن درجة مُحدّدة؟ ولاحظ هنا بأنَّ هذه التعريفات عائمة تحركها الأمواج يُمنى ويُسرى. فإنْ أخذنا بالعرف، فقد يصدق عرفًا في زمننا هذا على ماءٍ مُعينٍ بأنَّه بارد ما لا يصدق على ماء آخر في زمنٍ مضى بأنَّه بارد. وهذا الأمر يطال في إشاراته الماء الحار. فهل الماء الحار هو كل ماء ليس ببارد (كما جاء لغةً في المعاني)؟ أم أنَّه الماء الذي يغلي؟ أم أنَّه الماء المتروك عند حرارة الغرفة؟ أم أنَّه موكل للعرف العام؟ وهو ما سيجعلنا نعيد طرح ما تقدم من حديث مرةً أُخرى. وسنبدأ من حيث انطلقنا!
ومن هنا، فإنَّ هذه التعريفات لابد وأنْ تكون واضحةً ودقيقةً حتى نتمكن من مواجهة بقية الدوائر المعرفية (كالدائرة الطبية) بجمل لا يشوبها لبس أو اشتباه. بل أنَّنا سنُلاحظ بأنَّ ما تقدّم من إشكاليات في الرواية الأولى (رواية الإكثار في شرب الماء) من وثاقة صدورها ومناسبتها وطبيعة الظروف المُحيطة بها بجميع ما يستلزم الحدث من مُعطيات سيطول أيضًا الرواية الثانية (أي: رواية الماء الحار والبارد). لذا، فإنَّ مثل هذه الأمور لا يُستحسَن أنْ يتم اقحام الروايات فيها إلَّا مع وجود أصحاب الاختصاص من الدوائر الأُخرى المعنية بهذه الشؤون (سواء كانت حوزوية أو اكلينيكية)، حتى لا يقع اللبس ويدخل البعض فيما ليس هو من شأنه المعرفي؛ والذي على إثره قد نتحمَّل مسؤولية انقياد بعض المرضى لنصائحنا غير المدروسة وغير المسنودة ببقية الأطروحات المعرفية.
الخلاصة
إنَّ ما أردت الإشارة له هو أنَّ هناك أكثر من نقطة لابد أنْ تُأخذ بعين الاعتبار عند إقحام الروايات (محل الدعوة) في هذا الموضوع وغيره من مواضيع حرجة بعضها يمس صحة الناس بشكل مُباشر (الأمر الذي قد يجعلنا نقع في بعض المحاذير الشرعية)؛ خصوصًا أنَّنا اليوم نقف أمام حواجز طبية لا نستطيع القفز فوقها إلا بيقين قاطع؛ ولابد من أخذ الصورة كاملةً بجميع زواياها؛ فكلامهم نور وهم القرآن الناطق "ع"، ولابد من التحقُّق مِمَّا جاء منسوبًا إليهم وفهم مناسبته التي ورد فيها، وهل هو عام؟ أم مُقَيَّد بشرط (كشرط مناسبته، أو مكانه، أو زمانه، أو كلها في آن واحد مِمَّا يزيد الأمر تعقيدًا عند تداوله من قبل غير المُتخصّصين وتركيبه عنوةً على بعض العناوين الطبية الحديثة المُرتكِزة على الإستدلالات العلمية الواضحة المعالِم)؟ ومِن ثْمَّ إكمال المعنى ببقية الروايات (الواجب عدم تضاربها، وأهمية ارتكازها على المنبع الأصيل المتصل بالمصطفى "ص" وكتاب المولى عز وجل الذي هو المرجع الأول والأخير لِكلامهم "ع")، والذي سيعني حينها أهمية الرجوع لأهل الاختصاص في هذا المجال ليتبيّن لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وحتى لا تكون هناك تجزئة وانتقائية في فهم توجيهاتهم "ع"، نأخذ منها ما يناسب رغباتنا ونغفل عما لا يُناسبها؛ بل وحتى لا ينطبق علينا قوله عز وجل: "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ".
0 comments:
Post a Comment