Sunday 18 June 2023
June 18, 2023

هل يسبب الماء البارد مشاكل صحية يرتقي بعضها للخطير؟


هناك الكثير من المعتقدات الغريبة التي تدور عمومًا في فلك علاقة درجة حرارة مياه الشرب والصحة، والتي لم يكن أخرها أنَّ الماء البارد يسبب السرطان.

ومع وجود كل المعلومات الخاطئة الموجودة هنا وهناك خصوصًا في عصر تكنلوجيا وسائل التواصل الاجتماعي المُتعدِّدة (التي أصبحت إلى حد كبير مُقزِّزة ودفعت الكثير للتنحي بعيدًا عنها وعن أطروحاتها وجدالاتها العقيمة التي باتت كثرتها – للأسف الشديد - تتغلب على المنطق حتى في نظر سامعيها وقارئيها) فإنِّه من الصعب معرفة ما هو حقيقي وما هو وهمي ومُضلِّل من قبل الكثير من الناس.

وأما الشيء المهم هنا الذي أحببت أنْ أشير له (والذي جاء تحت إصرار الإخوة والأخوات) هو: أنَّه بعد البحث في الكثير مما له علاقة بموضوع درجة حرارة ماء الشرب والمرتبط بدائرة الدراسات الأكاديمية والإكلينيكية المستهدفة الطب الحديث (بعيدًا عن بعض الثقافات القديمة كالهندية والصينية والتي لا داعي لتفصيل طرحها) لم أجد أي دليل علمي يدعم فكرة أنَّ شرب الماء البارد يسبب السرطان ولا داعي للقلق بشأن ذلك أيا كانت الأقاويل وقائليها والمسميات التي يحملونها إذا كنتَ تستقي معلوماتك من هذه الدائرة. وأما إنْ كنت ترى أمرًا أخرًا له علاقة بدوائر أُخرى ومقتنع بها، فهذا يندرج تحت عنوان ليس له علاقة بدائرة الدراسات الأكاديمية والإكلينيكية المستهدفة للطب الحديث الذي يرسم إطار هذا الطرح مجملًا. وللعلم، فإنِّي على الدوام مُعتاد على شرب ماء بدرجة حرارة الغرفة لا خوفًا من الماء البارد بل ارتياحًا وتقبلًا للماء بهذه الدرجة على غيره من ماء بدرجات حرارة باردة أو مُسخَّنة، فهي الطبيعة التي أعتدت عليها والطبع يغلب التطبع.

يُضاف إلى هذا الأمر، أنَّنا نستطيع أنْ نستثني من الإشارة المذكورة في الفقرة السابقة محورية التأثير الذي تلعبه درجة حرارة المشروبات والمأكولات (سواء كانت باردة أو ساخنة) على الجهاز التنفسي والهضمي العلوي وفي بعض الحالات المرضية التي تشمل أمراض البلعوم أو عند نزلات البرد وما شابه من استثناءات تسير باتجاه وقعها الأوَّلي عند ملامستها للأنسجة المباشرة عند بداية مطاف هذه الأغذية وقبل أنْ تفقد درجة حرارتها سلبًا أو إيجابًا عند وصولها لجوف الجهاز الهضمي.

وعليه، فإنَّ المؤكد (استرسالًا لما جاء من خلاصة في نهاية الفقرة السابقة) هو أنَّ كل ما نشربه أو نأكله لا يصل إلى الأمعاء (أي إلى نهاية الجهاز الهضمي ومنطقة الامتصاص) إلا وقد اكتسب مجملًا درجة حرارة الجسم وأصبح من سنخها. هذا فضلًا عن أنَّ الكثير من الأحماض الموجودة في المعدة تعمل على تكسّير غالب المحتويات التركيبية للأغذية سواء كانت دهنية أو غير دهنية بعيدًا عن فكرة تجمدها وترسبها بفعل درجة حرارة بعض الأغذية أو المياه المنخفضة كما يقول البعض.

وهنا يجب التأكيد على حقيقة أنَّ الحديث عن درجة حرارة المياه وربطه بأمراض مستعصية فيه ضعف في التقديم، حيث أنَّ المنطق سيدفعنا حينها أيضًا للسؤال عن المأكولات والمشروبات التي يتم تقديمها باردة، فهل هذا يعني بأنَّها هي الأخرى ضارة ويجب تدفئتها قبل أكلها؟

بل وعلى نفس الوتيرة نجد في الطرف الأخر أنَّ هناك من يتحدث عن أنَّ الماء الحار علاج للكثير من الأمراض. ولعل ما تقدَّم من طرح يستهدف كذلك هذه النقطة بشكل غير مباشر.

وأخيرًا وليس أخرًا، يجب الانتباه (وهي النقطة الأهم والتي يجب أن لا نغفل عنها عند الحديث عن درجة حرارة ماء الشرب) إلى أنَّ الجسم البشري يحتاج لكمية كافية من الماء كي يحافظ على رطوبته خصوصًا في مثل هذه الأيام الصيفية الملتهبة حرارتها (تُقدَّر بحدود كأس لكل 10 كيلوات من وزن جسم الإنسان).

0 comments:

Post a Comment