Thursday, 18 July 2019
July 18, 2019

هل تؤثِّر أفراد مجموعة البقوليات على مرضى أنيميا الفول كما يؤثِّر الفول عليهم؟



في العموم، فإنَّ تحذير مرضى أنيميا الفول من أكل البقوليات هو تحذير يرتبط بالدرجة الأولى بالفول على وجه الخصوص دون غيره من بقية أفراد مجموعة البقوليات التي تضم بين طيَّاتِها الكثير من الحبوب والبذور؛ لذا جاء الاسم متلازمًا معه، أي مع الفول؛ فسُمِّي مرض الـ "جي سكس بي دي" (G6PD) بأنيميا الفول.
وللإشارة، فإنَّ نوع أنيميا الفول لدينا بتقسيماته الوراثية يختلف إلى حد كبير عن النوع الموجود في بعض الدول، كتلك الدول المُطِلَّة على سواحل البحر الأبيض المتوسط التي من ضمنها: سوريا وإيطاليا واليونان وقبرص وما شابهها من دول.

ولقد سبق وأنْ ذكرتُ في مناسبات سابقة بأنَّ أعراض هذا المرض تتدرّج في حدتها، فقد تبدأ من حالة الخمول والتعب غير الملحوظ إلى نوبات تحلُّل الدم المُستدعي للتنويم في المُستشفى. ويُحدِّد هذا الموضوع أيضًا مستوى النقص العام في تركيز إنزيم أنيميا الفول وبقية الإنزيمات المصاحبة في جدار خلية الدم الحمراء وطبيعة النوع الجيني المندرج تحته مرض أنيميا الفول. وهو الأمرالذي يتم تحديده مخبريًا من خلال التحاليل الكمية (quantitative) والنوعية (qualitative) والجينية (genetics).

ولأنَّ بقية افراد مجموعة البقوليات كالبليلة أو الحمص والعدس والفاصولية وغيرها من حبوب وبذور بقولية تُعدُّ من الأغذية المهمة، كونها غنية بالبروتينات وبالألياف وبالعناصر المفيدة للجسم البشري؛ لِذا فنحن في الدائرة الطبية لا نُوجِّه مرضى أنيميا الفول بِتركها (عدا تأكيدنا عليهم عمومًا بترك الفول على وجه الخصوص)، إلَّا إذا كان الأثر السلبي الصادر منها واضح وملموس على مستوى الأعراض والعلامات المرضية (كتأثيرها على بعض الحالات المرضية الموجودة في دول سواحل البحر الأبيض المتوسط جراء نقص إنزيم أخر في جدار الخلية يختلف في تركيبته البيوكيميائية عن إنزيم خميرة الفول). أي أنَّ الإطلاق والتقييد في موضوع التحذير من هذه المجموعة الغذائية يختلف من مريض لآخر تبعًا لتشخيص حالته المرضية. 

ولاحظ بأنَّي في هذا التوضيح أتحدَّث فقط عن مجموعة البقوليات دون التعرَّض لبقية المؤثِّرات التي قد يكون وقعها سلبيًا عليهم والتي لا تنتمي لمجوعة البقوليات. 

وعليه، أقول: "أنَّه ليس من العدل أنْ نحرم كل مرضى أنيميا الفول من كل أفراد هذه المجموعة الغذائية المهمة، إذا لم يكن لها تأثير سلبي واضح وملموس على صحتهم (عدا تحذيرهم فقط من أكل الفول الذي قد يؤدِّي إلى تحلّل خلايا الدم الحمراء عند بعضهم، وليس كلهم أيضًا؛ بِسَبَب ارتفاع تركيز المواد المؤكسِّدة فيه مُقارنةً بغيره من حبوب وبذور بقولية)". حيث أنَّ المريض الذي يُعاني من هذه النوعية من الأمراض الوراثية يستطيع أنْ يمسك (مع طبيبه المُعالج والمُتابِع لوضعه ونتائجه الإكلينيكية) - في نهاية المطاف - عصاة النظام الغذائي من الوسط كي تبقى صحته عمومًا في حالة توازن؛ بحيث ألَّا يخسر فوائد هذه المجموعة الغذائية من جانب (إلَّا إذا اضطر الوضع)، وألَّا يتعرَّض لأي أثار سلبية ناتجة منها على صحته من جانب آخر في حال كان يتحسس منها أو تسبب له ضرر جراء شكواه من مرض أخر. فما قد ينطبق على أحد المرضى، قد لا ينطبق على البقية.

وفِي الختام نؤكد مرةً ثانيةً على أنَّ النقص في الإنزيم المسؤول عن حدوث أنيميا الفول يتدرَّج في حدته بين المرضى أنفسهم الذين يعانون من هذا المرض (كما لمَّحنا له أعلاه).

0 comments:

Post a Comment