Friday 2 March 2018
March 02, 2018

هل يُشكِّل حمل أحد الأبوين لِـ البيتا-ثلاسيميا وحمل الطرف الأخر لِلسكلسل أية خطورة على مواليدهم؟


هنا سنتدارس هذه الحالة فقط من حالات أمراض الدم الوراثية التي يتضمّنها السؤال عنوان هذا الموضوع (وليس جميع الحالات الحملية التي ترتبط بمختلف الأمراض الوراثية)، أي حالتي حمل مرض فقر الدم المنجلي والبيتا-ثلاسيميا، (وليس الألفا-ثلاسيميا لأنَّه خارج نطاق تغطيتنا هنا)؛ فلاحظ هذه النقطة جيدًا. وهي الحالة التي سنُفكِّكها في هيئة نقاط تتابعية.

أولًا: إذا كان أحد الأبوين حاملًا لِمرض البيتا-ثلاسيميا فقط والطرف الأخر سليم، فإنَّ هذا سيعني حينها بأنَّ إحدى الصبغات المسؤولة عن البيتا-ثلاسيميا عند حامل المرض فقط ستكون مصابة بِمورِّثة المرض، بينما الصبغة المُقابلة ستكون غير حاملة لها؛ في الوقت الذي سيكون فيه الطرف السليم حينها به صبغتين غير حاملتين للمرض. وهو الأمر الذي سيعني - في حال أنجب هذان الزوجان مولودًا - بأنَّ احتمالية إصابته ستكون على النحو التالي: 50% حاملًا لِمرض البيتا-ثلاسيميا، و50% غير حاملٍ له (وهو ما يُسمَّى بِـ بيتا-ثلاسيميا الصُغرى).
لذلك فإنَّه عادةً لا تظهر على المولود أية أعراض مع هذه النوعية من الزواج (ولاحظ بأنَّي قد أقول "عادةً" وليس "دائمًا")؛ وذلك لأنَّ المولود إمَّا سيُولَد بمورِّثتين سليمتين، أو أنّضه سيُولَد بمورِّثتين إحداهما سليمة والأُخرى مصابة. بمعنى أنَّ هذا الأمر سيعني - في أضعف الإيمان - أنَّ المولود سيكون حاملًا لِلمرض، مِمَّا سيجعل المورِّثة التي على الصبغة السليمة تعوِّض عمل المورِّثة التي على الصبغة المصابة، مِمَّا سيجعل نموه يكون طبيعيًا. ومع العلم من كل هذا، فإنَّه ربما يشكو من أعراض بسيطة كالدوارن أحيانًا أو من ضعفٍ عامٍ بسيطٍ، وقد تدل التحاليل المخبرية على وجود فقر دمٍ بنسبةٍ مُنخفضةٍ. وهذا الطرح هو التوصيفي العام، ولن ندخل في التفاصيل كي لا نخرج عن المحور الرئيس لهذا الطرح.

ثانيًا: إذا كان أحد الأبوين حاملًا لِمرض فقر الدم المنجلي فقط والطرف الأخر سليم، فإنَّه أيضًا سيكون الاحتمال في كل ولادة هو: 50% أنْ يُولَد الطفل حاملًا لِفقر الدم المنجلي، وَ50% غير حاملٍ له (أي سليم)؛ وهذا يأتي على غرار الوصف المذكور في الفقرة السابقة، مع اختلاف أنَّ المولود الحامل لمرض فقر الدم سيكون نموه طبيعيًا ولن يشتكي من أي أعراض صحية أيضًا.

ثالثًا: إذا كان أحد الأبوين حاملًا لِمرض البيتا-ثلاسيميا فقط، والأخر حاملًا لِمرض فقر الدم المنجلي فقط (وهو الاستفهام الذي يتضمَّنه السؤال عنوان هذا الموضوع)، فإنَّه يجب عندها دمج الاحتمالات الواردة في الفقرتين السابقتين فيما بينهما اعتمادًا على قوانين الإحصاء الطبي (التي يدخل فيها قوانين عالم النبات مندل)، وهو الأمر الذي سيعني حينها أنَّه في كل مرة تحدث فيها ولادة فإنَّ الاحتمالات المُتعلِّقة بالمرضين الوراثيين المذكورين ستكون - في العموم ودون الدخول في التفاصيل - على النحو التالي: -
  • احتمال 25% أنْ يكون المولود سليمًا تمامًا من المرضين، وغير حاملٍ لأيٍ منهما أيضًا (لا لِـ البيا-ثلاسيميا، ولا لِفقر الدم المنجلي).
  • احتمال 25% أنْ يكون المولود حاملًا لِمرض البيتا-ثلاسيميا فقط، التي ربما يشكو فيها المولود من أعراض بسيطة كالدوارن أحيانًا أو ضعف عام بسيط، وقد تدل التحاليل المخبرية على وجود فقر دم بنسبة مُنخفضة (كما تبيَّن في النقطة الأولى).
  • احتمال 25% أنْ يكون المولود حاملاً لِفقر الدم المنجلي فقط، وهو الاحتمال الذي لن يُعاني فيها المولود من أي شكوى أعراض (بإذن الله).
  • احتمال 25% أنْ يكون المولود حاملًا لِكلا المرضين معًا (أي أنْ يكون حاملًا لِفقر الدم المنجلي ولِـ البيتا-ثلاسيميا معًا). وهذا الاحتمال هو الاحتمال الذي قد يتسبَّب في مشاكل صحية عند المولود تتعدَّى موضوع الضعف والدوران البسيطين وفقر الدم المُنخفِض، والذي قد يتطلَّب متابعة طبيب أمراض الدم (وقد تكون أحيانًا هذه النوعية من المتابعة مُستمرة).

وفي كل الأحوال فإنَّه لا بُدَّ أنْ يتم فحص دم المولود بعد الولادة مباشرةً عن طريق "الفصل الكهربائي للهيموجلوبين" (Hemoglobin Electrophoresis) من خلال أخذ عينة دم اعتيادية، كي يتسنَّى الوقوف على طبيعة الحالة الوراثية المُرتبطة بِـ هذين المرضين.

وخُلاصة ما تقدَّم: هي أنَّه في حال أظهرتْ النتائج بأنَّ المولود - بعد الولادة - سليم أو حامل لِمرض واحد فقط من المرضين المُشار لهما في هذا الشرح المُبسَّط والمُختصَر، فإنَّه- بإذنه تعالى - لن يُعاني - عمومًا ودون الدخول في التفاصيل - من أي أعراضٍ أو شكوى مرضية (وهذان الاحتمالان - أي احتمالي الحمل والسلامة - يُشكِّلان معًا على اختلاف التفاصيل الواردة آنفًا ما نسبته 75% في كل ولادة)، علمًا بأنَّ حمل البيتا-ثلاسيميا (البيتا-ثلاسيميا الصُغرى) قد ينتج عنه بعض الأعراض الخفيفة وغير الملحوظة أحيانًا؛ وأمَّا إنْ كان المولود حاملًا لِكلا المرضين معًا، أي لمرض فقر الدم المنجلي ولِـ البيتا-ثلاسيميا (وهو احتمال قابل لأنْ يحدث بنسبة 25% في كل ولادة)، فإنَّه حينها قد يحتاج إلى متابعة مع طبيب أمراض الدم الذي سيضع حينها النقاط على الحروف بشأن الحالة الصحية لِلمولود (كما تبيَّن ذكره في الفقرة الثالثة).

مُلاحظة: فحوص ما قبل الزواج هي الحل الأنجع لِمحاربة هذه النوعية من الأمراض الوراثية المُتجذِّرة في مجتمعاتنا، حيث أنَّها تتطلَّب وعي من قبل الزوجين مُدمَج بالعقلانية (وليس العاطفة)، وبُعد نظر يصل في تغطيته لِصحة الأولاد والحالة التي سيكونون عليها.

فيديوهات ذات صلة: -

0 comments:

Post a Comment