حمى الإيبولا النزفية مرض فيروسي حاد ومرهق لصحة الفرد، حيث تمتاز أعراضه في الغالب بارتفاع في درجة حرارة الجسم والضعف الشديد والوهن وآلام العضلات والشكوى من صداع والتهاب الحلق. وقد يتطور فيما بعد ليصل للجهاز الهضمي والذي تكون أعراضه حينها التقيؤ والإسهال؛ وقد يُصاحبه طفح جلدي وإختلال في وظائف الكلى والكبد، وقد يتطور في بعض الحالات إلى نزيف داخلي وخارجي على حد سواء. وتُظهر النتائج المخبرية خلال هذه المرحلة إنخفاضًا في عدد كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية وإرتفاعًا في معدلات إفراز إنزيمات الكبد الوظيفية.
وتستدعي الحالات المرضية الشديدة توفير رعاية داعمة ومكثفة للمرضى الذين يصابون جرائها في كثير من الأحيان بالجفاف الحاد، والذين يجب أن يتم تزويدهم بسوائل منع الجفاف عن طريق الحقن الوريدي أو عن طريق الفم.
وبشكل عام نستطيع أن نقول بأنه لا يتوفر علاج فعَّال أو لقاح واقي ضد فيروس الإيبولا حتى الآن.
إلا أنه يجدر بنا أن نبين أيضًا بأن الدراسات التي أُجريت على بعض الأدوية الجديدة قد أظهرت نتائج واعدة، وهي تخضع للتقييم حاليًا. وتتركز الدراسات في الوقت الحالي على العديد من اللقاحات، ألا أنه قد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل إتاحة أي واحد منها للتطبيق في المصحات الطبية.
وعليه، فإن كل ما تقوم به الجهات الصحية في المناطق التي عُرفت باستيطان الإيبولا فيها هو التركيز على نشر الوعي بين الناس، والذي يشمل تثقيفهم وتعريفهم بعوامل الخطر المتعلقة بطرق إنتشار عدوى الفيروس، وتعليمهم التدابير الوقائية التي يجب أن يتخذها أفراد المجتمع عند الاشتباه بأي حالة إصابة للفيروس.
بل وتُعد الإرشادات الوقائية في الوقت الحالي السبيل الوحيد للحد من حالات العدوى والوفيات بين البشر (خصوصًا في المناطق الموبوءة). حيث تشمل التعريف بطبيعة الحيوانات المعروفة في تلك المناطق بإحتضانها لفيروس الإيبولا والتي من خلالها يُصاب الأنسان بالمرض كخفافيش الفاكهة والقردة وحضائر الخنازير التي تحتك بخفافيش الفاكهة وغيرها من حيوانات. وفي حال كان هناك اضطرار لملامسة أي من الحيوانات المشتبه بها في تلك المناطق فإنه لا بد من إرتداء الملابس الواقية المناسبة والقفازات وبقية الأدوات التي تُغطي أنسجة الجسم المكشوفة من نظارات وقائية وكمامات وغيرها من أوقية خاصة نصت عليها الجهات الصحية المتخصصة.
بل أن التثقيف يجب أن يشمل موضوع توخي الحذر عند التعامل مع الحظائر التي يُعتقد بأن الحيوانات التي تُربى فيها مُصابة ومن ضمنها حظائر الخنازير وغيرها مما يُربى من حيوانات، والتي قد تنقل الفيروس للإنسان. حيث أن عملية الانتقال قد تحدث بسبب إتباع ممارسات غير آمنة في مجال تربيتها وذبحها، والاستهلاك غير المأمون لدمائها أو حليبها الطازج أو أنسجتها غير المطهية.
ومن أهم السلالات التي قد تنتقل من خلال الخنازير السلالة التي تُعرف بسلالة فيروس "ريستون" إيبولا (وهو أحد أنواعها الخمسة المعروفة حتى الان والتي تشمل سلالات زائير وساحل العاج و"بونديبوغيو" و"ريستون" والسودان وزائير). كما ينبغي القيام في المناطق التي يُبلّغ فيها عن إصابة الخنازير بفيروس "ريستون" إيبولا (أو أي نوع آخر من أنواع الإيبولا) بأن تُطهى جميع منتجاتها (من دم ولحم وحليب) طهيًا جيدًا قبل تناولها.
والشيء بالشيء يُذكر وخلافًا لفيروس "ريستون"، فقد تبيّن منذ عام 1994م أن فاشيات فيروس إيبولا من نوعي زائير وساحل العاج يتركز وجودها في حيوانات الشمبانزي والغوريلا.
وعلى راس المناطق الموبوءة بالإيبولا في إفريقيا الدول الممتدة من منتصف الساحل الشرقي إلى منتصف الساحل الجنوبي، أي ابتداءًا من السودان ووصولًا إلى ما بعد ساحل العاج وحتى منتصف القارة الإفريقية. حيث يتركز إنتشار الفيروس فيها بشكل ملحوظ، ويُعتقد بأن مصدره حيواني وموجود هناك.
ونظرًا لإنتشار أنواع مخصصة من الخفافيش في تلك المناطق فإن ذلك يُربط وإلى حد وثيق بالتوزيع الجغرافي للمرض في تلك المناطق.
وتتراوح فترة حضانة المرض (الممتدة من لحظة الإصابة بالعدوى إلى بداية ظهور أعراضه) بين يومين و21 يومًا.
وتُعزى عملية إنتشار عدوى فيروس الإيبولا بين البشر إلى الإتصال المباشر بالدماء وسوائل الجسم (كما هو الحال عند إنتقاله من الحيوان إلى الإنسان).
بل أن من أهم ما يجب الالتفات له هو موضوع الحد من خطر إنتقال عدوى فيروس الإيبولا من إنسان مصاب إلى آخر صحيح في المجتمع بسبب الاتصال المباشر، وخصوصًا عند الاحتكاك بسوائل الجسم العامة.
ويُعد الإتصال الجسدي الحميم بمريض مصاب بحمى الإيبولا أمرًا خطرًا في هذا الحالة ويجب تجنبه. حيث تبيّن مخبريًا من أحد الحالات التي عُزِل فيها فيروس الإيبولا من السائل المنوي أن الفيروس كان موجودًا في السائل حتى اليوم الحادي والستين عقب الإصابة بالمرض.
ومن الأمور التي يجب أن تُذكر في هذا المجال هو ما تم الإبلاغ عنه في أكثر من نشرة طبية عن سراية عدوى الفيروس إلى عاملين في مجال الرعاية الصحية، والذي تبين لاحقًا أنه بسبب عدم الإلتزام بالتدابير الوقائية المتعلقة بمكافحة المرض.
بل أن الإطلاع على طبيعة المرض وتدابير إحتوائه يُعد مسؤولية كبيرة ويجب أن تُغطى من قبل أقسام التثقيف الصحي بشكل مدروس، وخصوصًا تلك التدابير الواجب القيام بها عند دفن الموتى والتي تشمل دفنهم بشكل سريع وعدم ملامستهم، وبالخصوص سوائل أجسامهم أو أي نسيج مفتوح على السطح الخارجي للجلد.
بل أن من أهم ما يجب المداومة عليه في تلك المناطق أو أي منطقة أخرى في العالم (كان بها إيبولا أو لم يكن بها إيبولا) هو غسل اليدين بشكل مستمر، خصوصًا عند الإحتكاك مع من يُشبته بإنتقال ميكروبات إليهم فضلًا عن إصابتهم بفيرو س إيبولا.
وأخيرًا وليس آخرًا، نذكر بأن من الأمور التي يجب على الجهات الصحية المختصة القيام بها في تلك المناطق هو إتخاذ تدابير وقائية صارمة تلافيًا لاتساع رقعة إنتشار الفيروس إلى مناطق أخرى سلمية.
0 comments:
Post a Comment