الأخوات والأخوة الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
دعوني أُجيب أولًا على السؤال المُتَعَلِّق بالكيفية التي من خلالها ينتقل فيروس نقص المناعة المُكتسَبة، والفيروسات الكبدية الفتَّاكة التي تنتقل عن طريق الدم كـ فيروس "ب" وفيروس "ج"؟
وهنا أقول مُمهِّدًا: الكلام عادةً في مراكز الأبحاث يدور (عند الحديث عن هذه المجموعة من الفيروسات) حول عنوان "إمكانية انتقالها عن طريق سوائل الجسم" ولا يُكْتَفَى بالحديث عن "الدم" لوحده؛ إلَّا أنَّه عند حديثنا عن سوائل الجسم فإنَّنا نضع الدم في مُقدِمتِها لأنَّه السائل الرئيس الذي يربط الأجهزة ويغدِّيها، ولأنَّه يحتوي على الخلايا المُستهدَفة من قِبِلِ بعض هذه الفيروسات (كما هو الحال في مرض الإيدز).
وما يجب الإشارة له هو أنَّ الدراسات تبحث أيضًا وبشكل دقيق في عملية انتقال كل ما ينتمي الى هذه المجموعة من الفيروسات عن طريق بعض السوائل الخاصة، كحليب الام والإفرازات المهبلية والسائل المنوي؛ وتكاد تختفي هذه النوعية من الفيروسات في بعض السوائل مثل اللعاب ما لم تكن هناك أي جروح أو تقرحات صديدية (وإنْ كانت غير مرئيّة).
وعليه، يجري في العادة تعريف عملية انتقال فيروس نقل المناعة المكتسبة والفيروسات المُنتقلة عن طريق الدم المُسبِّبة لالتهاب الكبد كـ "ب" و"ج"، وبعض الفيروسات الأخرى التي لا يسعى المجال لتغطيتها في هذه السطور بــ: "الفيروسات المنتقلة عن طريق الدم وسوائل الجسم" وهو التعريف الأكثر صوابية، وعدم الاكتفاء بعبارة "المنتقلة عن طريق الدم" لأنَّها عبارة غير دقيقة.
ومن هنا تتوسع الدائرة لِتُغطي كل الأدوات التي تُلامس تلك السوائل ويتم استخدامها بين أشخاص مختلفين كالإبر وأجهزة طب الأسنان وأدوات الحلاقين وغيرها من أدوات حادة مشابهة.
إذًا، فإَّن كل كلامي أعلاه يرتبط بانتقال تلك الفيروسات من الإنسان للإنسان عن طريق سوائل الجسم.
أما بخصوص ما يتم تداوله هذه الأيام (وهو محِل الشاهد) من صور وتعليقات تقول أنَّ بعض الفواكه (مثل البرتقال والموز الموجود في السوق، وبعض الفواكه التي في داخلها بقع حمراء): تحتوي على دم ملوث ببعض الفيروسات كالإيدز؛ فإنَّه كلام غير دقيق وتعتريه الكثير من الثغرات وليس من اللائق بأهل الدليل أنْ يعتمدوا عليه؛ حيث أنَّ هذه الرواية ركيكة وتفِّند نفسها بنفسها (والكلام أعلاه يمثل زاوية من زوايا الاحتجاج، حيث سلطت الضوء - على وجه الخصوص - عليها لأهميتها.
أمَّا النقطة المهمة هنا، فهي: أنَّ فيروس الإيدز والفيروسات الكبدية المُنتقلة عن طريق الدم كـ "ب" و"ج" لا تنمو في الفواكه، بل أنها ميكروبات مجهرية تُصيب خلايا محددة في الأنسان. بل أنَّ الأهم أنَّها لا تنتقل عن طريق الجهاز الهضمي عند أكلها.
ويجدر بنا أنَّ نذكر هنا أيضًا، خصوصًا عند الحديث عن الفيروسات الكبدية، أنَّه يجب الالتفات إلى أنَّها مجموعة كبيرة ومتشعِّبة ولا يجوز الخلط فيما بينها، حيث أنَّ بعضها قابل لأنْ ينتقل عن طريق الجهاز الهضمي كما هو الحال عند الإصابة بفيروس التهاب الكبد "أ" الذي يملك القدرة على البقاء على سطح الفواكه لفترات طويلة في حال التلوث، وهو لا يحتاج لأنْ يكون في وسط دموي (وهو خارج تغطية هذه المقالة). أي أنَّ ما أردت الإشارة له في هذه الجزئية هو: أنَّ بعض أنواع الفيروسات الكبدية لها المقدرة على أنْ تنتقل من خلال أجهزة أخرى أيضًا ولا يتوقف الحديث فيها فقط عند ما تم عنونته بــ: "سوائل الجسم والدم".
ومن هنا، فإنَّ ربط احمرار بعض الفواكه ببعض الفيروسات الدموية كالإيدز، أمر غير صحيح
أدعوا الله أنْ تكون الإجابة على السؤال الموجه كافية ووافية وتعم على إثرها الفائدة على الجميع؛ وأن يُلبِسَكُم الله لِبَاس الصحة والعافية.
0 comments:
Post a Comment