Saturday 28 November 2015
November 28, 2015

تحقيق يصب في بيان حقيقة مكونات الأندومي


تصب بعض النصائح (الصحية!) التي يطلقها البعض في المغزى الذي يرمي لتصنيف "الأندومي" على قائمة الأغذية الضارة جدًا، لأنَّه (كما تقول) يحتوي على سموم كامنة، ويسبب السرطان ويؤثر على الدماغ ويسبب مشاكل في القلب (تنتهي بالموت المُفاجئ)، وغيرها من عناوين كبيرة وفرضيات اجتهادية (أصبحت تصول وتجول بين أروقة الشبكات الاجتماعية).

إلا أنّه وبعد قراءة الكثير من التقارير الطبية في الجانب الغذائي (من مصادرها الأصلية المعتمدة)، وبعد التحقق من كل المكونات المُسَجَّلَة على بيانات أكياس "الأندومي" المُنْتَجَة من شركات متعددة وفي دول مختلفة، تَبَيَّنَ باختصار أنَّ "الأندومي" (الذي لم أجُرِّبه قط في حياتي، ولا أرغب في تجريبه مُطلقًا) لا يعدو كونه إلا وجبة مُعَلَّبَة سريعة عابرة لا تختلف البتة عن سائر الأغذية السريعة العابرة، ولا توجد دلائل حقيقية على ما تم الإشارة له أعلاه من عناوين مرضية مُخيفة ينفرد بها "الأندومي" دون غيره (كما تدعي بعض المنشورات المتكررة التي أصبحت مُملة)؛ لا لأنَّ "الأندومي" مفيد (فضرره كضرر أي غذاء محفوظ على نفس الطريقة)، بل لأنَّ تلك الأسطوانات المُتكررة أصبحت "مخرومة" ولا تستند لمصداق علمي يُعتمد عليه. وهذا الكلام لا يعني أيضًا: التشجيع على أكل "الأندومي"، بل يعني أنَّنا يجب أنَّ نمسك العصاة من الوسط عند تقييمنا لأي منتج غذائي، فلا يجوز أنْ نذهب لأقصى اليمين ولا يجوز- أيضًا- أنْ نذهب لأقصى اليسار، دون بَيِّنَة أو بُرْهَان، حتى لا نفقد موقعيتنا في تقييم المنتجات بطريقة منطقية وحتى لا نُضَيِّع الصواب في أضرارها الواقعية التي تختبئ بين مفاصلها! فبدلًا من كسب القضية (أمام المُتعطشين لمِعرفة حقيقتها) نخسرها بسبب مُبالغتنا وتضخيمنا لعناوينها.

فلو أكتفينا بِتَصْنِيفِه كَـ: "غذاء غير مفيد ولا يجوز التعويل عليه، لأنَّ ذلك قد يؤدي لأضرار صحية، بسب حرمان الجسم مما هو مهم ويحمل فائدة، وبسبب احتوائه على مواد مُضافة ومواد حافظة كبقية الأغذية المُعَبَّئة التجارية" لكانت الصياغة المُقَدَّمَة مقبولة (لأنَّها تُلامس الواقع وتنطبق- فعلًا- عليه).

فبعض المنشورات تقول بأنَّه يحتوي على الشمع الماسك لشعيراته المُتلاصقة والمضغوطة في كتلة واحدة! (وهنا نؤكد- أولًا- على أنَّ الشمع أو البارفين يُعَدُّ مادة ضارة للجهاز الهضمي، خصوصًا حينما يُضاف للأغذية)؛ وعليه، فإنَّه- كما تقول تلك المنشورات- مسؤول عن انتفاخ البطن والاضطراب المعدي. والحقيقة هنا هي أنَّ "الأندومي" (كبقية الأغذية السريعة المُشَبَّعَة بالنشويات) يحتوي على خمائر (أو بيكربونات الصوديوم) قد تقود الجهاز الهضمي للانتفاخ، خصوصًا عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل هضمية؛ وبعبارة مباشرة فإنَّ المُسبب في الانتفاخ ليس الشمع (أو البارفين) الذي لم يَثْبِتْ أنَّه موجود فيه، بل هي تلك المواد المُضافة التي من ضمنها الخمائر (التي تُبيحها المؤسسات الغذائية العالمية في الأغذية المُعَلَّبَة التجارية، ومنها مؤسسة الغذاء والدواء العالمية وغيرها من مؤسسات دولية، حتى لو كانت تلك المواد المُضافة- أيًا كان نوعها- لا تقدم فائدة صحية حقيقية للجسم البشري).

وأما بخصوص المنشورات التي تُرَكِّز على احتواء "الأندومي" على مادة جلوتاميت الصوديوم الأحادي (MSG)، وتصنيفها على أنَّها مادة ضارة؛ فإنَّه- وكما تَبَيَّن أيضًا- أنَّه لا توجد تقارير حقيقية تُشير إلى أنَّها تُسبب تلك الأخطار المُشار لها في بداية الحديث (اعتمادًا على نفس المؤسسات الغذائية أعلاه) بحدودها المنصوص عليها؛ فمن لم يَقْرّها من تلك المؤسسات الغذائية بشكل مباشر، لا أقلها لم يصنفها مطلقًا ولم يَشِر لأي عنوان سلبي أو إيجابي بخصوصها. وهذا الكلام لا يعني أنَّ هذه المادة مفيدة. وللمعلومية، فإنَّنا لو سَلَّمْنَا بخطرها (في حدود نطاق ميكانيكية ما تقوم به من عمل داخل الجسم البشري) من خلال بعض الوثائق أو البيانات الخاصة، فإنَّنا لابد أنْ نُعَرِّف ما تقود إليه من مشاكل صحية بطريقة صحيحة وبما يتوافق ومنهج العقلاء في تصنيف المواد المُمرضة (ولا يجوز أنْ نبالغ في بعض المخاطر بطريقة انحيازية وليست علمية)! ومن جانب ثاني فإنَّنا لابد أنْ نفهم- حينها، أيضًا- بأنَّ هذه المادة موجودة وبكميات مُضاعفه في الكثير من الأغذية الشرق أسيوية والصينية واليابانية التي يتغلل زيت الصودا وما شابه من مواد في مأكولاتها، بل ولا تستغني عنه مطاعمها؛ بل أنَّها- بشكل سريع- بدأت تَتَدَرَّج لتدخل في الكثير من الأغذية العالمية (وهذا الكلام هو توصيف للواقع أكثر منه تبرئة لما يُنسب لها من عناوين مرضية)! وبالتالي، فحينما نقبل برفض "الأندومي" على أساس وجود هذه المادة فيه (ولا بأس بقبول هكذا توجه أي كانت أسبابه)، فإنَّه لابد أنْ يكون معيار التطبيق- حينها- واحد، وأنْ نقوم برفض كل الأغذية المحتوية على نفس المادة (وأنْ يكون الحديث- عندها- مرتبط بها لا به).

وباختصار، أؤكد على أنَّ "الأَّندومي" غني بالنشويات وبالسعرات الحرارية، ويحتوي على بهارات ومادة جلوتاميت الصوديوم الأحادية وخمائر وزيوت مختلفة المصادر (الموجودة في أكياسه الصغيرة)، وقد يحتوي على مواد حافظة ضارة كسائر الأغذية المُعلبة؛ بل ونؤكد على أنَّ ما فيه من مواد غير مفيدة موجودة أيضًا في غيره (كما أشرنا أعلاه)؛ وعليه، فهو غير مناسب لمن يسعى للتخفيف من وزنه أو يُعاني من مشاكل في جهازه الهضمي، أو يرغب في تقنين وجباته لتكون صحية ومفيدة بمعناها الغذائي، أو يسعى لتجنب النشويات بشكل عام، أو لمن يسعى لتجنب كل تلك المُعلبات والأغذية الصناعية التي بها مواد حافظة و مثبتة ونكهات وإضافات تحسينية له والتي لا تُغني ولا تسمن من جوع.

ومِنْ هنا، تقتضي المصداقية منَّا أنْ نقول: بأنَّ الأقاويل التي تُثار حوله (دون غيره)، على أنَّه يُسبب ما يُسبب من عناوين صحية كبيرة، هي أقاويل غير صحيحة بهيئتها المُقَدَّمَة لنا، استنادًا للصورة التحليلية للموضوع وبالمنظور الواقعي والمنطقي؛ لأنَّها: (أولًا) لا تستند لدليل، وَ(ثانيًا) لأنَّها تُكيل بمكيالين، فتراها ترفض "الأندومي" من جانب بالمعايير التي تُقَدِّمُها، وتقبل غيره من الأغذية المصفوفة على رفوف البَقَّالات المماثلة له في المكونات والتركيبة الصناعية من جانب آخر.
___________________
روابط ذات صلة: -

0 comments:

Post a Comment