Sunday 13 March 2016
March 13, 2016

الركائز الدراسية المُتعَلِّقة بموضوع المياه المعبأة، وبدائلها العملية


بخصوص السؤال المُتَعَلِّق بموضوع إجراء اختبارات استجوابية تستهدف معاينة والتحقق من تركيبة المياه التي نشربها في منطقتنا (سواء كانت مُعبأة أو عمومية)، أذكر هنا بأنَّ هناك محاور عدة تُلامس جوهر هذا الاستفسار، إلا أنَّي سأُركِّز على أهمها وأكثرها تعلُّق بما طرحتُه شفهيًا عند حديثي عن المياه المعبأة في أكثر من مُناسبة.

ففي المحور الأول، نجد أنَّ من ضمن ما يستحق النقاش والذي على أساسه تقوم الأفراد (من المستهلكين) بتقييم المياه بشكل غير مباشر ما نسميه بمجموع المواد الصلبة من أنيونيات وكاتيونات التي من خلالها تتشكَّل العناوين الفيزيائية والكيميائية كالوسط الهيدروجيني وما شابه من معايير فحصية، والتي تعطي الرائحة واللون والطعم النهائي للماء قبل تعبئته (وهي التغيرات الحسية التي يعتمد عليها المستهلكين بفطرتهم التقييمية عند شربهم لأنواع المياه المُتَعَدِّدة المصادر، دون دخولهم في عمق معانيها العلمية والجزيئية، والتي على أساسها يتم تفضيل ماء من شركة محددة على ماء من شركة أخرى)؛ وهذا الأمر قد قمتُ بتقييمه في مجموعة مختلفة من العينات وبطرق متعددة ووصلتُ لمُحَصِّلَة مفادها: عدم توافق الكثير من المنتجات مع ما هو مكتوب على لواصقها من جداول وبيانات بشكله الدقيق لصعوبة تحقيق ذلك في كميات الماء الكبيرة (على حد قول تُجَّار هذا القطاع؛ الأمر الذي يلقي الحجة عليهم)، وهي عناوين لم أتطرق لها بعينها وبتفاصيلها في حديثي الشفهي السابق لعدم الحاجة لها، بل وناقشته مع بعض من يعمل في الخط التجاري من هذا المجال؛ ولم أكتفي بهذا، بل وتحدثت عنه في أكثر من مناسبة، وطرحته مسبقًا في هيئة مقالات وقصاصات وتعليقات مسجلة ومحاضرات علمية متعددة (وجلها موجود على حساباتي ومواقعي الخاصة على الشبكة العنكبوتية).

وهنا أُبَيِّن: بأنَّ هذا الأمر لم يكن جوهر كلامي في حديثي الشفهي السابق، ولم أُركِّز عليه لأنَّ التأرجح البسيط والنسبي في تلك القيم لا يعني شيء على مستوى صلاحية المياه من عدمه بشكله الدقيق، بعيدًا عن طبيعة ما تؤكِّد عليه المؤسسات الرقابية في هذا الشأن؛ إلا أنَّي أراه مدخلًا لتقييم جودة بيانات تلك الشركات المُعَبِّأة للمياه، مما يجعلني أقول (كما بَيَّنت سابقًا) بأنَّه حجة عليهم (من باب ألزموهم بما يلزموا به أنفسهم) في كتابتهم لأنَّه لا يتوافق مع حقيقة التركيبة الفعلية من جانب أولي (حتى لو كان بنسب من التريليون). ومن جانب آخر هو مدخل للتعليق الاستفهامي أيضًا، القائل: "ما هو ضمان- عند اختلال تلك القيم- ضبط بقية المعايير الأخرى خارج نطاق مجموع المواد الصلبة (كالبورمايت وما شابه من نواتج نهائية مُتَشَكِّلة في الماء قبل تعبئته)؟"؛ هذا أولًا فلاحظ.

ثانيًا، دخلت في محور آخر يعنى بطبيعة التعقيم الذي يتم بشكل عام في شركات تعبئة المياه التجارية، ووضحت بأنَّه يتَلخَّص في تقنية الأوزون التي من ضمن نواتجها أوكسيد البرومايت الذي يجب أنْ لا يتعدى نسبة معينة تم إقرارها من قبل المؤسسات الرقابية العالمية (وهي: أقل من 10 ميكروجرام/لتر) ومن ضمنها المؤسسات الخليجية المحلية. وللتوضيح، فإنَّ التعقيم بهذه الطريقة ليس سرًا، بل هو أمر واضح للعيان ولا يحتاج لمُسَائلة، لأنَّه الخيار العملي والأنسب كما تراه الشركات التجارية التي لا تستغنى عنه لتفوِّقه الاقتصادي على بدائله المُُكلِفَة (وهو لسان حالهم!).

وذكرتُ بعدها بأنَّ هناك تجاوز في هذه النسب تم توثيقه مسبقًا بدليل غلق المؤسسات الرقابية لدينا لعدد لا بأس به من الشركات (إلا أنَّ بعضها عاد للعمل مرة ثانية). وهنا يكفي (لمن أراد وثائق يعتمد عليها) الرجوع للمصادر الرسمية في هذا الشأن التي قامت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بالتعرُّض لها مرارًا وتكرارًا (وهي متوفرة على مواقعها لمن أراد الاطلاع عليها).

إلا أنَّني لم أعتمد عليها بشكل مباشر (لأنَّي لا أعد الإعلام مصدرًا علميًا) وذهبت لما هو أكثر وثاقة من ذلك، والمُتَمَثِّل في الدراسات المحكمة في هذا المجال؛ حيث كان الرجوع فيها لما وضَّحَته إحدى الدراسات[1] (موجودة في المراجع في نهاية هذا الرد؛ وهي مجرد مثال لدراسة واحدة من مجموعة مختلفة من الدراسات التي تستهدف ذات المعنى وتدعمه) التي ذكرتْ بأنَّ البرومايت موجود في كل عينات الماء التي تم فحصها ضمن هيكلية نفس الدراسة (وهنا يتم الحديث عن دول تملك نظم رقابية دقيقة ومؤسسات تعمل من أجل حماية المستهلك بشفافية عالية؛ وهو الأمر الذي على اساسه جعلني أذكر: "أنَّ ما لدينا يقع تحت مظلة: حدِّث ولا حرج! "؛ وهو موضوع يستدعي تأمل منا وحذر مضاعف نظرًا لغياب الدراسات المستقلة الشبيهة بما أشرتُ له أعلاه، والتي تعنى بمتابعة هذا الأمر بشكل دوري ولصيق ومُطمئِن للمستهلكين).

وللتأكيد مرة ثانية لابد أنْ نتنبه - رضينا أم أبينا - إلى أنَّه، وكما ذكرت آنفًا، قد تم اكتشاف تجاوزات عديدة في هذا المجال مُسبقًا. وللإشارة والتوضيح لمن أراد معرفة أضرار البرومايت، أقول: "إنَّ البرومايت يعمل على تثبيط الجهاز العصبي المركزي وله علاقة مباشرة بالكثير من الأعراض الفسيولوجية النفسية، ويُعَدُّ مادة مُسَرطِنة، ويتم ربطه بالكثير من أمراض الكلى"، وهذا الأمر موثق لذا المؤسسات العلمية والبحثية. 

وعليه، فإنَّ استنادنا لما جاء في هذا المحور (بغض النظر عن التزام الشركات بنسب البرومايت من عدمه) هو استناد يعتمد على طبيعة المخاطر الكامنة في المياه المعبأة بسبب الاعتماد شبه الكلي على تقنية التعقيم بالأوزون؛ فلاحظ. وأعني بأنَّ توفر الدلائل من عدمه لا يلغي حقيقة ما نواجهه من مخاطر كامنة في تلك المياه التجارية.

ثالثًا، ذكرت في محور الحديث الأخير والرئيس الذي أعدِّه محورًا مفصليًا في حديثي كله (بعيدًا عما جاء في المحورين السابقين) لجُزئية البلاستيك وتركيبته العلمية المُعَدَّة في أساسها للاستخدام في ظروف بيئية خاصة سِيَّمَا عند وضع المياه فيها؛ وهي النقطة التي يجب أنْ لا يتم الاستهانة بها. 

وذكرت بعدها كما جاء في المقطع المُسَجَّل ما كان نصه الآتي: "بأنّه يتم تصنيع بلاستيك عبوات المياه من مادة يُرمز لها بـ (PET) المعدودة آمنة فقط حينما تكون في "ظروفها الطبيعية المنصوص عليها" (وهنا النقطة المهمة في الموضوع!)؛ إلا أنَّ خطورة هذه المادة البلاستيكية يكمن في مقدرتها على إطلاق مادة كحلية معدنية (داخلة في تصنيعها) لا يخلو منها "داي إيثيل هيدروكسي أمين"، وهي سامة حال تحرَّرت واختلطتْ بالماء. 

وذكرت بعدها: "بأنَّ إحدى الدراسات التي أُجريت على أفضل 63 مُنتَج من المياه المُعَبَّأة في أوروبا وكندا بيَّنت أنَّ بقايا من تلك المادة وُجِدت بتركيز تجاوز 100 ضعف الموجود في المياه الجوفية الصافية (أي أكثر من جزئيين من التريليون)[2]" (عنوان الدراسة موجود في المراجع أدناه، وهي واحدة من مجموعة مختلفة من الدراسات التي تحاور نفس الأطروحة وتؤيِّدها). ولقد كشفت نفس الدراسة: "أنَّه كلما بقيت عبوة الماء على رفوف البقالات فترة أطول أو في الثلاجة زادت نسبة المادة المعدنية المُتَرَسِّبة فيها تدريجيًا بأجزاء من التريليون". 

بل أنَّ الخطر الأكبر يكمن في محور الدراسة الذي وَضَّحَ أنَّ تسارع ترسب هذه المادة السامة في عبوات الدراسة أرتبط طرديًا بثلاث عوامل: (1) أشعة الشمس، (2) ارتفاع درجة الحرارة، (3) واختلاف الرقم الهيدروجيني فيها؛ وهي محاور جاءتْ بها الدراسة وليست تحليل شخصي. ومن ثم بينتُ: "بأنَّه بالنظر للعاملين الأولين، فإنَّ الدراسة تحدثت عنهما في ظروف أوروبية وكندية!"؛ حيث كان هذا الأمر للفت الإنتباه عند مقارنته بظروفنا الخليجية القاسية.

وعليه، فإنَّي ومن باب القيام بالواجب ذكرت بأنَّنا نرتكب جريمة في حق أنفسنا وأهلينا عند شراء هذه العبوات المتعرضة لدرجات عالية من أشعة الشمس والحرارة العاليتين اللتان تصلان في قيمهما إلى ما هو خارج النطاق الطبيعي، والكفيلتان - بما لا شك فيه - باستخراج كل السموم الموجودة في تلك العبوات البلاستيكية؛ وهو أمر لا يحتاج لدلائل وبراهين أكثر مما تقدم من أجل زيادة الحيطة والحذر عند التعامل مع المياه المعبأة، وهو أمر يتفق عليه القريبون من هذا المجال التجاري المربح؛ فلاحظ.

ونظرًا لعلمي بأنَّ التحدي يتعلق بإيجاد البديل، ناقشتُ بعدها البديل المتوفِّر (والذي لا أعدَّه مثاليًا، بل بديلًا مقبولًا يتمتع بمعايير أفضل من سابقه)، ألا وهو المياه المحلاة بالأجهزة المنزلية نظرًا لأنَّ المياه العمومية لدينا غير صالحة للشرب. 

ووضحتُ بعدها: "بأنَّ الكثير من الزملاء الأوروبيين (من باب الإشارة والتوضيح) يرون أنَّ البديل - الذي يعتمد عليه معظمهم - هو شرب الماء من صنابير الماء العمومية (نظرًا لأنَّ مائهم - وليس مائنا - صالح للشرب). 

وبغض النظر عن موضوع البدائل، إلا أنَّي وبالاعتماد على قراءة الصورة من جميع زواياها لم أرى بدًا سوى أنْ أقوم بتسليط الضوء على مدى المخاطر الكامنة في تلك العبوات التي لا يوجد عليها حسيب أو رقيب (والدليل على هذا تجول سيارات شركات الماء المُعَبَّأة تحت أشعة الشمس والحرارة العاليتين)، ويكفي أنْ ترى طرق تخزينها من قبل الجميع بدون استثناء لتعلم أنَّنا في خطر حقيقي، وكيف أنَّ الكثير من البقالات ترمي صناديقها من المياه المعبأة خارج محلاتها تحت ظروف صحية قاسية؛ وإنْ وُجد ذلك الحسيب أو الرقيب فلن يستطيع السيطرة لأنَّه وكما ذكرت حينها وعلى نحو المثل الدارج لدينا في دول الخليج: "فإنَّ الشق أكبر من الرقعة"!

والخلاصة، هي أنَّ ما جاء بين طيات هذا الحديث عبارة عن حقائق واضحة للمتخصصين في هذا المجال، وهي (وأعني المياه المعبأة في العبوات البلاستيكية) وإنْ فرضنا تسامحًا أنَّها كانت متوافقة مع المعايير العامة بصورتها المثالية، إلا أنَّها لن تخلو وفي افضل صورها من مخاطرها الكامنة مقارنة مع ما هو أكثر أمانًا من البدائل الأخرى.
-------------------------------

0 comments:

Post a Comment