Saturday, 21 November 2015
November 21, 2015

اغسل كليتيك بشكل طبيعي قبل أنْ تضطر لغسيلهما بشكل صناعي



أبدأ مقدمتي هذه بالتنبيه- وبشكل مباشر- على أنَّ الأشخاص الذين لا يشربون كمية كافية من الماء، هم أكثر الناس عُرضة لأمراض المثانة والكليتين؛ حيث يكون تركيز البول (المُحَمَّل بالمواد الضارة والرواسب الملحية) في جهازهم البولي مرتفع. وكما نُلاحظ في الصورة المرفقة (كواجهة لهذه المُراجعة)، فإنَّ أجزاء الجهاز البولي (من الأعلى للأسفل، قبل اتصالها بمخرج البول النهائي) تنقسم لثلاثة أقسام رئيسة: الكليتين والحالبين والمثانة؛ إلا أنَّ تركيزي هنا سيكون وبالدرجة الأولى على المثانة والكليتين.

المثانة


دائمًا ما تظهر المثانة على أنَّها لغز، فعلى صغرها إلا أنَّها تستطيع أنْ تنتفخ كالبالون. وبشكل مُختصر ومُبَسَّط نقول بأنَّ الوظيفة الرئيسة للمثانة هي المُساعدة في اخراج السوائل الزائدة من أجسامنا. عليه، وحتى تبقى المثانة في حالتها الصحية، فإنَّها تحتاج للماء من أجل أنْ تُمارس وظيفتها الطبيعية (ومُخطئ من يعتقد أنَّ كثرة شرب الماء يضر المثانة، بل أنَّ الصحيح- كما لمَّحنا له أعلاه- على عكس هذا تمامًا)؛ والأهم هو إفراغها بشكل مُستمر وأنْ لا تُترك مُمتلئة لفترات طويلة- بعد الشعور بالحاجة المُلِحَّة لدخول دورة المياه- تجنبًا لأي مشاكل صحية. والمثانة- في حقيقة الأمر- عبارة عن عضو مجوف مكون من ألياف عضلية مطاطية تمتلك القدرة على التمدد دون أنْ تتأثر. وفي الأحوال الطبيعية، فإنَّ المثانة تستطيع أنْ تُخزِّن في تجويفها ما يُعادل 750 مليليتر من السوائل (أي ما يُعادل نصف قارورة ماء من ذوات حجم لتر ونصف). واعتمادا على كمية السوائل المُجمعة في المثانة، ينتج ضغط طردي على جدرانها (متوافقًا في ارتفاعه مع ارتفاع كمية تلك السوائل)؛ فكلما زاد هذا الضغط زاد الشعور بالاحتياج لإخراج تلك السوائل، وأعني التبول. والشيء بالشيء يُذكر، فالإصابة الميكروبية التي تُصيب المثانة (أو كما تُسمى بـ "التهاب الجهاز البولي") تُسببُها بكتيريا تدخل إلى الأبوال فينتج عن وجودها نفس الضغط الحادث على جدران المثانة أثناء امتلائها بالسوائل؛ إلا أنَّ المريض لحظتها (عند دخوله لدروة المياه) يكون قادرًا على إخراج قطرات- فقط- من البول مع شعور بالألم وعدم الراحة. الجدير بالذكر (والتنبيه) هو أنَّنا نستطيع تجنُب هذا الشعور غير المُريح؛ حيث أنَّ شرب الكمية المنصوص عليها من الماء (أي ما يُعادل تقريبًا 2،5 إلى 3 لترات يوميًا) كفيل بجعل المثانة نشطة وخالية من الميكروبات. بالإضافة لهذا، فإنَّ التقليل من المشروبات المُنبهة كالقهوة والشاي- والتحكم في كميتها- وكذلك الابتعاد بشكل كامل عن المشروبات الغازية والمشروبات المُكْرْبَنَة (والكحول!) يُساعد على الحفاظ على صحة المثانة، لأنَّ هذه المشروبات تُهيج المثانة (نظرًا لوجود مُذرات الأبوال بها كـ "الكافيين" وما شابه)، وقد تُسبب جروحًا داخلية وظهور للدم غير المرئي أثناء التبول (حال زاد تركيزها عن المعدل الطبيعي). إذًا، فإنَّ ظهور الدم (بأي كمية كانت، خفية أو مرئية) يعني وجود جروح داخلية، بل ويعني أيضًا تمكن البكتيريا الغازية للمثانة- حينها- من دخول الأوعية الدموية.

وحينما يُترَك التهاب الجهاز البولي بدون علاج أو يُترَك دون تشخيص (مع الإستمرار على عدم شرب الماء)، فإنَّ هذا سيعني- عاجلًا أو أجلًا- حتمية التحول من التهاب سفلي في الجهاز البولي الى التهاب علوي فيه (أي التهاب الكليتين أو إحداهما)؛ حيث أنَّ المثانة تتصل مع الكليتين بواسطة الحالبين (كما هو موضح في الصورة). وأشير هنا إلى أنَّ كل من الالتهابين المذكورين (المُتعَلِّق بالمثانة والكليتين) لا يُعالجان (في المصحات الطبية) إلا عن طريق المضادات الحيوية. وللمعلومية، فإنَّ وصول الالتهاب للكليتين (أو إحداهما) سيعني أيضًا وجود ألآم قد تكون حادة- أحيانًا- في أسفل الظهر، والتي قد تستدعي (لإسكاتها) الأدوية المُخففة للألم. 

بعد هذا الشرح المُبَسَّط، ننتقل للنقطة الأهم، ألا وهي الكليتين (والتي ستتضمن بين طياتها الحديث عن تَكَوُّن الحصوة)، واللتان إذا قَلَّتْ وظيفتهما فلا مجال لتعويضها بأي حال من الأحوال؛ وفي حال فقدتا كفاءتهما الكاملة فلا حل لذلك إلا بالغسيل الصناعي الدائم أو بالزراعة العضوية لكلى من شخص مُتَبَرِّع!

الكليتين/ حصوة الكلية


حينما لا تُطرب عبارة "الكليتين" آذاننا كما تفعل- مثلًا- كل من عبارتي "القلب" و"الرئتين" وما شابه من أعضاء حيوية، فإنَّه يتوجب علينا- حينها- أنَّ نصحح مفاهيمنا ونراجع مخزوننا في بنك الثقافة الصحية وأنْ نضيف اليها الفقرة التالية: "أنَّ الكليتين مهمتان لدرجة عالية عند الحديث عن قوام وقاعدة الصحة التي يرتكز عليها جسم وأعضاء الأنسان الحيوية"؛ حيث تُعَدُّ الكليتان (مع أجزاء الجهاز البولي، بشكل عام) الأعضاء الرئيسة لتخليص الجسم من الفضلات والمواد الضارة. وفي حال توقفت الكليتان- على وجه الخصوص- عن القيام بوظيفتهما (فقط لمدة يومين، مثلًا)، فإنَّ رجوع السموم الأيضية والتراكمات الملحية للدورة الدموية سيكون أمرًا حتميًا وتحصيل حاصل لا محالة، مُسببةً تشكُل البولينا في الدم. وحينما تتراكم المواد الضارة (التي يُفترض خروجها بشكل طبيعي عن طريق الجهاز البولي) في الأنسجة بشكل عام وفي الدورة الدموية بشكل خاص، فإنَّ التسمم الأيضي في الجسم سيبدأ بالتشكل مهددًا حياة صاحبه.

يجدر بنا أنَّ نذكر- هنا أيضًا- بأنَّ وجود البكتيريا وزيادة البروتينات في الجهاز البولي يزيد من احتمال تشكل الحصوات، والتي تُعرف بحصوات الكلى؛ والتي تُسبب ألآم شديدة حال سعى الجهاز البولي لدفعها للخروج مع البول؛ خصوصًا حينما تنحصر في مجرى الحالب مُسببةً ضغط عضلاته عليها أو حتى انسداده بسبب وجودها. وتُظهر الدراسات أنَّ قلة الماء في الجسم تزيد من فُرص تشكل حصوات الكلية؛ وعلى عكس ذلك فإنَّ شُرب الكمية الكافية من الماء تؤدي إلى منع تكون الحصوات. ويجب الإشارة إلى أنَّ نسبة تَكَوُّن حصوات الكلى عند الذين يعيشون في مناطق حارة (كما هو الحال في مناطقنا) تُعَدُّ مرتفعة مُقارنة بمن يعيشون في المناطق التي تكون الأجواء فيها مُعتدلة أو باردة؛ حيث يُعزى هذا الأمر إلى الفرص العالية المؤدية لنقص الماء في الجسم وحدوث ما يُسمى بـ "التعطش النسيجي"!

ويجب أنْ نعرف أنَّ تجنب الإصابة- أو التحكم بقدر الإمكان- بالأمراض التي تؤدي (بشكل مباشر أو غير مباشر) لتأثر وظيفة الكليتين يُعَدُّ أمرًا مهمًا في منع- كما هو في غالب الأحيان- حدوث أمراض الكليتين المزمن الذي يستدعي عندها أنْ يعتمد المريض على أجهزة الغسيل الكلوية من أجل الحفاض على حياته. وحينما يتمكن الأنسان في وقت مبكر من تجنب تلك العوامل التي تؤثر سلبًا على وظيفة الكليتين فإنَّ هذا سيعني بشكل تلقائي تمتع الكليتين بصحة عالية (وأيضًا فرص الحفاظ عليهما بكامل وظيفتهما فيما تبقى من حياته). 

ومن الطرق التي تُساعد على منع حدوث أمراض الكليتين المزمن: (1) الحفاض على ضغط الدم أقل من 130/85 مليجرام زئبقي، (2) الحفاض على مستوى السكر في الدم في حدود المعدلات الطبيعية، (3) الحفاض على عدم تجاوز المستويات الصحية المنصوص عليها من العناصر الزيتية (كالكوليسترول والدهون الثلاثية) وابقائها في معدلاتها الطبيعية، (4) التوقف عن التدخين، وكذلك التوقف عن استخدام بقية الطرق البديلة للتدخين كالمعسل وما شابه (لأن المواد المركبة للسجائر وبدائلها أخطر ما تكون على أنسجة الكلى).

ومع العلم من كل هذا فإنَّنا نستطيع أنْ نقول بأنَّ إحدى أقصر وأسهل الطرق (والأكثر فَعَّالية) لتجنب مشاكل الجهاز البولي بشكل عام والكليتين بشكل خاص هو عدم تعطيش الأنسجة، وأعني الحصول على الماء بالقدر المطلوب (والذي أشرنا له أعلاه- إلا أنَّنا نؤكد عليه مرة ثانية- على أنَّه في مناطقنا الحارة يقع بين حدود 2،5 إلى 3 لترات في كل يوم). ويجب الإشارة إلى أنَّ تعطش الأنسجة وقلة الماء في الجسم ليس مجرد عرض، بل هو أيضًا سبب للعديد من الأمراض الخطيرة (التي لا يسع المجال لتغطيتها بالكامل، لأنَّها تتعلق بأنظمة متعددة) من أهمها التهاب الكليتين وبقية مشاكل الجهاز البولي التي تؤدي في نهاية المطاف الى مشاكل صحية مُهددة للحياة (كما جاء التلميح له أعلاه). وفي حال كان هناك من هو عُرضة لأمراض الجهاز البولي بشكل عام والكليتين بشكل خاص (نظرًا لبعض الاختلالات المرضية كاختلال الافرازات الهرمونية لبعض الغدد) فإنَّه يجب عليه أولًا التفكير مليًا في الكيفية التي من خلالها يتجنب الوصول لمرحلة العطش وانخفاض الاحتياج اليومي للماء في جسمه عن المعدل المطلوب بأي طريقة كانت (وهذا الأمر يُعَدُّ بحثًا مُستقلًا)؛ حيث نستطيع أنْ نستدل على هذا الأمر في اجسامنا- أي تدني مستوى الماء- من خلال: (1) عدم الإحساس بالعطش بأي صورة كانت، (2) عدم الوصول للمرحلة التي يُصبح فيها لون البول داكنًا ومائلًا للبني، (3) عدم الوصول إلى المرحلة التي فيها يطول دخولنا لدورة المياه، حيث أنَّه وعند شرب الماء بالكمية المطلوبة فإنَّه وفي أقل التقديرات سيكون معدل دخول دورة المياه بشكل عام كل ساعتين على أكثر التقديرات (ومُخطئ من يعتقد أنَّ دخوله دورة المياه المُتكرر مبررًا جيدًا له حتى يمتنع عن شرب الماء؛ كمن يمتنعون عنه ليلًا تجنبًا للاستيقاظ أثناء النوم، ناسين أنَّ استيقاظهم لدخول دورة المياه- وإنْ نَغَّصَ عليهم حلاوة النوم- يُعَدُّ أمرًا صحيًا لأسباب مُتعددة، يدخل من ضمنها عدم ترك الكليتين بسمومها المُتراكمة فيها أثناء السبات لساعات طويلة). يُضاف لهذا الأمر، العمل على المُضي قدمًا في معالجة الأسباب التي تؤدي لتأثر الجهاز البولي على اختلاف أجزائه؛ ليس هذا فحسب؛ بل ومعالجة تلك الأعراض الجانبية التي تؤدي لخفض مستوى السوائل في الجسم كالإسهال والقيئ، أو كما يحدث أيضًا عند ارتفاع درجة حرارة الجسم المُصاحبة لارتفاع درجة حرارة الجو أو عند ممارسة الرياضة؛ حيث يتوجب في مثل هذه الحالات زيادة شرب الماء بمعدلات أعلى من تلك المنصوص عليها بشكل طبيعي في اليوم الواحد، والإكثار من شرب بقية السوائل الداعمة؛ يجدر بنا أنْ نضيف (مؤكدين أيضًا، لتوضيحنا إياه في "محور المثانة" أعلاه): أهمية التقنين الفعلي والصحيح- أو لا أقلها، وأقولها مُتسامحًا، التخفيف من- السوائل التي بها تركيز عالي من مادة الـ "كافيين" مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية والمشروبات المُكْرْبَنَة، لأنَّها تزيد من فقد الجسم للسوائل، مما ينتج عنه الزيادة السريعة في تعطش الأنسجة. 

بعد ذكر ما تقدم من محاور تبين أهمية شرب الماء للجهاز البولي بشقيه العلوي والسفلي، بقي علينا أنْ نختم ونقول بـ: "أنَّ حساسية الكليتين تكمن في أنَّ أي فقد لأي خلايا نسيجية فيها وتأثر نسبة قيامها بوظيفتها الطبيعية سيعني عدم المقدرة على تعويض تلك الخلايا، وقضاء المتبقي من أيام العمر القصيرة بما تبقى من عمل وظيفي يرتبط بما هو موجود من أنسجة صحيحة بها، وهذا على عكس ما قد يحدث في بعض الأعضاء الحيوية كالكبد، مثلًا. ومن هنا يتوجب علينا العناية والاهتمام بالكليتين من خلال الالتزام بشرب الماء بكميته المطلوبة، حتى لا تُصاب بالضعف الكلوي أو التخاذل الكلوي، ومن ثم تدريجيًا للفشل الكلوي (وهو الأمر الذي لا تحمد عقباه).

0 comments:

Post a Comment